خاص ليبانون ديبايت

باسمة عطوي

باسمة عطوي

ليبانون ديبايت
الثلاثاء 06 أيار 2025 - 07:04 ليبانون ديبايت
باسمة عطوي

باسمة عطوي

ليبانون ديبايت

ركود في سوق اللحوم الطازجة والطلب على “الهندي” أكثر من العرض.. من سيكافح غش الخلط بينهما؟

ركود في سوق اللحوم الطازجة والطلب على “الهندي” أكثر من العرض.. من سيكافح غش الخلط بينهما؟

"ليبانون ديبايت" - باسمة عطوي


يُسجّل سوق اللحوم الحمراء في لبنان، بشقّيه الطازج والمستورد (المجمّد والمبرّد vacuum)، إرباكاً واضحاً لسببين: الأول هو ارتفاع أسعار الطازج، مما يولّد ركوداً وتراجعاً في المبيعات، والثاني تأخّر وصول شحنات اللحوم المجمّدة من البرازيل والهند، ما يجعل الطلب عليها أكثر من العرض، بسبب رخص أسعارها مقارنة مع اللحوم الطازجة، وبسبب موسم الانتخابات، حيث تُستعمل في الولائم الانتخابية التي تُقام في مختلف المناطق.


وبالإضافة إلى هذا الإرباك، هناك جدال دائم بين نقابة مستوردي اللحوم الطازجة وتجار اللحوم المجمّدة، حول مدى سلامة استهلاك اللحوم التي يتم تذويبها من قبل بعض القصابين وبيعها على أنها طازجة.


وبحسب قواعد سلامة الغذاء، تُحفَظ اللحوم المجمدة على حرارة -18 درجة، واللحوم المبردة تُحفَظ على حرارة بين صفر و-5 درجات، ومدة صلاحيتها 84 يوماً، في حين أن اللحم الطازج مدة صلاحيته القصوى داخل البراد 10 أيام وعلى درجة حرارة بين صفر و-5 درجات.


الدجاج أرخص… والمفروم مثلّج أكيد!


أمام هذا الواقع، يُسجّل سوق اللحوم البيضاء (الدجاج) حركة ناشطة، لأن أسعارها أقل بكثير، وفي الوقت نفسه هي مصدر بروتين حيواني يمكن أن يحلّ مكان اللحوم الحمراء بالنسبة لكثير من العائلات من أصحاب الدخل المحدود.


كما أن الجولة على مراكز التسوق، لا سيما قسم اللحوم، تُظهر الآتي: غياب العروض على اللحوم الحمراء (لأن الكميات محدودة)، وأسعار اللحمة المفرومة تتراوح بين 700 و800 ألف ليرة، في حين أن أسعار المقطّعة للطبخ تصل إلى 900 ألف ليرة ومليون.


وعند سؤال الزبائن عن سبب شرائهم اللحوم من السوبرماركت بدلًا من الملاحم التي تعلن أنها تبيع اللحوم الطازجة، تجيب دانيا - م (ربة منزل) موقع “ليبانون ديبايت” بأنها “تعرف بأنها تشتري لحوماً غير طازجة من السوبرماركت، لكن أسعارها تناسبها لأن عائلتها تتكوّن من 5 أشخاص وسعر كيلو اللحم المثلج لا يزيد عن 10 دولارات على الأكثر، وهذا يناسب ميزانيتها وتشعر بالأمان لأنها لا تأكلها نيئة، في حين أن سعر الطازج يصل إلى مليون و500 ألف (للكبة أو للشوي)، ولذلك تشتري الطازج فقط حين تريد تناول الكبة”.



في الضاحية: كل الأسعار موجودة… والهندي والبرازيلي بالقطارة!


الجولة على ملاحم الضاحية الجنوبية تُظهر مشهداً أكثر تنوعاً. فهناك مراكز تجارية كبيرة وملاحم تبيع اللحوم بأسعار متهاودة (بين 600 و700 ألف للمفروم و800 للمقطع)، وملاحم تبيع اللحوم الطازجة فقط بأسعار تتراوح ما بين 13 دولاراً للمفروم، و15 دولاراً للكبة، ولحم الغنم 17 دولاراً للكيلوغرام الواحد.


وحين يُسأل أبو عيسى (صاحب ملحمة في منطقة حارة حريك) عن سبب ارتفاع أسعاره ومدى الإقبال عليه في منطقة شعبية، يجيب موقع “ليبانون ديبايت” بالقول: “نحن معروفون لدى زبائننا أننا لا نخلط اللحم الطازج بالمجمّد، كما يفعل كثير من القصابين، ولذلك كل محبّي الفراكة والكبة النيئة في المنطقة يقصدوننا مطمئنين لأن ذبحنا يومي وطازج”.


وعلى بعد أمتار من ملحمة أبو عيسى، تقع ملحمة تبيع كيلو اللحمة المفرومة بـ700 ألف، والعجل بمليون ليرة، والغنم البلدي بـ1,300,000 ليرة. لا يُخفي صاحب الملحمة (م – ر) أن “اللحوم التي يبيعها للناس هي مثلّجة وvacuum ومصدرها البرازيل والهند”، شارحاً لموقع “ليبانون ديبايت”: “ليس هناك لحوم بلدية في البلد، وكل الأبقار الحيّة التي يتم استيرادها هي من أوروبا والبرازيل ومن سوريا (بالتهريب)، في حين أن الأغنام التي تُذبح هي من أوروبا (فصيلة بيلا) وغنم بلدي من البادية السورية”.


ويؤكد أنه “لا يوجد حالياً لحوم مبردة vacuum من البرازيل، وسيبقى مفقوداً لنحو أسبوع على الأقل، إلى حين وصول البواخر إلى لبنان والتي تأخرت عن موعدها بسبب أحداث البحر الأحمر. كما أن هناك احتكاراً من إحدى الشركات المستوردة لهذا النوع من اللحوم حالياً، بحيث لا تبيع الكميات الموجودة لديها إلا “بالقطّارة” ولزبائنها فقط وبأسعار مرتفعة، وحين تصل الشحنة تعود الأسعار إلى الانخفاض”.


عيد: جمود في سوق اللحم الطازج… والمثلّج مضر بالصحة


يشرح أمين سر نقابة القصابين والمواشي في لبنان، مجد عيد، لموقع “ليبانون ديبايت”، أن سوق اللحوم الطازجة جامد بسبب ارتفاع أسعارها مقارنة مع المجمدة والمثلجة، والسبب هو أن استيراد المواشي هو من أوروبا (أوكرانيا / كرواتيا / هنغاريا وتشيكيا وإسبانيا)، وارتفاع سعر اليورو بشكل كبير مؤخراً أدى إلى ارتفاع الأسعار محلياً. أما ارتفاع أسعار المواشي الآتية من البرازيل، فسببه ارتفاع كلفة الشحن عالمياً، وبات سعره مقارنة مع سعر الدجاج (كمصدر بروتين حيواني) مرتفعاً جداً، ولذلك بات الطلب عليه (الدجاج) أكثر”.


ولفت إلى أن “من أسباب ارتفاع اللحوم الطازجة أيضاً، توافر اللحوم المُثلجة الهندية واللحم المجلّد من البرازيل في السوق بكميات كبيرة، وبأسعار تعادل نصف سعر اللحوم الحية (600 و700 ألف ليرة للمثلج)، بينما سعر اللحوم الطازجة نحو مليون و400 ألف ليرة”.


وأضاف: “ما يحصل أن بعض القصّابين يقومون بخلط اللحوم المثلجة بالطازجة ويبيعونها على أنها طازجة، وهذه ظاهرة تزداد بشكل كبير، والمستهلك يدفع ثمن اللحوم على أساس أنها طازجة. وهذا ما ننبّه له دائماً كنقابة، بأن اللحوم الرخيصة هي حتماً لحوم مثلجة ومضرّة بالصحة، وهذا أمر مُثبت لدى وزارتي الزراعة والاقتصاد، لأن تذويب اللحوم لتحضيرها ثم إعادة تجليدها مضرّ بالصحة بشكل كبير”.


ولفت إلى أن “شراء اللحوم المرتفعة السعر ليس دليلاً كافياً على أنها طازجة، وهنا يأتي دور الهيئات الرقابية، وكنقابة نقول إن 95 بالمئة من الملاحم تخلط اللحوم ما بين طازجة ومثلجة، وتبيعها للمستهلك على أنها طازجة وبأسعار مرتفعة. ولذلك نطالب بعقوبات رادعة على الذين يُقدمون على غشّ المواطن”.


أبو حيدر: خلط للحوم بين طازج ومثلج بهدف الربح السريع!


من جهته، يؤكد مدير عام وزارة الاقتصاد والتجارة محمد أبو حيدر لموقع “ليبانون ديبايت”، أن الوزارة تلاحق كل القصابين الذين يقومون بخلط اللحوم الطازجة بالمثلجة، وتسطّر بحقهم محاضر ضبط وتحيلها إلى القضاء المختص، جازماً بأن “بعض القصابين يقومون بهذه الخطوة بهدف تحقيق ربح سريع على حساب جيوب وصحة المواطنين، وهذا أمر يجب إيقافه بشكل نهائي وجذري. لكن دور وصلاحية الوزارة يقف عند هذا الحد، أما صلاحية التأكد من سلامة اللحوم المستوردة فهي تقع ضمن صلاحيات وزارة الزراعة”.


خطّار: اللحم المستورد مطابق للشروط… وخلطه مع الطازج غش يجب مكافحته


يضع رئيس مصلحة مراقبة التصدير والاستيراد والحجر الصحي البيطري، الدكتور يحيى خطار، ما يجري في سوق اللحوم الحمراء في لبنان في سياق المنافسة القائمة بين مستوردي اللحوم الحية ومستوردي اللحوم المثلجة “vacuum”، شارحاً لموقع “ليبانون ديبايت” أن “اللحوم المُثلجة غالباً ما يتم استيرادها من الهند لأن أسعارها رخيصة، كونها من فصيلة الجواميس (نوع من الأبقار)، في حين أن استيراد هذه اللحوم من البرازيل والولايات المتحدة أو أستراليا فكلفته مرتفعة بسبب ارتفاع أسعار الأبقار هناك، ولا يمكن أن يكون منافساً للحم الطازج”.


وأضاف: “كوزارة زراعة، نحن لا نسمح بدخول اللحوم الهندية إلى لبنان إلا بعد التأكد من أن المسلخ الذي يتم الاستيراد منه، مُسجل في الوزارة، وحائز على كل الشهادات التي تؤكد على سلامة وجودة الغذاء، وأنه مُراقب من السلطة البيطرية في الهند”.


وشدد على أن “كل مسلخ في الهند يطلب التسجيل لدى وزارة الزراعة في لبنان، نرسل وفداً مختصاً للكشف عليه (3 أطباء بيطريين)، ويتم التأكد من تطبيقه كل المواصفات التي تضعها الوزارة لناحية جودة وسلامة الغذاء، وبعدها يُسمح للتاجر اللبناني بالاستيراد منه إلى لبنان”.


وأكد أن “لا إشكال حول لحم الجاموس أو لحم البقر، لأنه فصيلة من الأبقار مختلفة عن الأبقار البلدية التي تعيش في لبنان. ولكن ما تُعاني منه نقابة القصابين هو أن هذه اللحوم المستوردة يتم تذويبها وخلطها مع اللحوم الطازجة وبيعها على أنها طازجة، وهذا غشّ تسعى إلى مكافحته وزارة الاقتصاد لأنه يقع ضمن صلاحياتها”.


ولفت إلى أن “صلاحية وزارة الزراعة هي في التأكد من سلامة المنتجات قبل وعند وصولها إلى لبنان فقط، وعند دخولها إلى البلد تصبح مسؤولية وزارة الاقتصاد. علماً أننا على استعداد تام للمساهمة في القضاء على هذا الغش، كوننا مختصين بهذا الموضوع، ويمكن التعاون مع وزارة الاقتصاد لتتبّع أين تُباع وتُخزّن هذه اللحوم، وهذا ما سيفتح ملفه قريباً وزير الزراعة نزار هاني”.


وختم: “المشكلة هي تذويب اللحم وبيعه من قبل القصابين على أساس أنه طازج، وهنا يأتي دور المواطن في المساهمة في الرقابة، بحيث لا يقبل شراء اللحم المفروم من القصّاب إلا عند فرمه أمام ناظريه، وعدم طلب الديليفري من الملاحم”.

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة