كشفت وسائل إعلام تركية أن جهاز الاستخبارات التركي وجّه ضربة استباقية لمحاولة تهريب أجهزة مفخخة مرتبطة بعمليات سابقة نُسبت إلى جهاز الموساد الإسرائيلي، وذلك بعد أن رصد شحنة مشبوهة في مطار إسطنبول تحتوي على أجهزة نداء (بيجر) وشواحن لاسلكية محقونة بمواد متفجرة.
وبحسب المعلومات التي جرى تداولها، فقد جرى التنبه للشحنة عقب معلومات استخباراتية تلقتها الجهات الأمنية التركية تُفيد بأن أجهزة مماثلة لتلك التي استخدمت في هجمات “البيجر” في لبنان في أيلول 2024، يتم الإعداد لإرسالها من إسطنبول إلى بيروت.
وكانت تلك الهجمات قد نُفّذت عبر أجهزة نداء مزوّدة بمتفجرات دقيقة، وتم تفجيرها عن بُعد، وأُطلق عليها لاحقًا في الإعلام مصطلح "هجمات البيجر". وارتبطت تلك العمليات بعملية اغتيال السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، والتي وقعت في اليوم نفسه، 27 أيلول.
وبحسب المصادر، فقد بدأت القصة عندما رصدت الاستخبارات التركية، في 16 أيلول 2024، شحنة قادمة من هونغ كونغ على متن الرحلة TK6141، عبر شركة SMT Global Logistics Limited التايوانية، تضم أربع منصات شحن تحتوي على 61 صندوقًا بوزن إجمالي 850 كيلوغرامًا. وبالرغم من أن بوليصة الشحن صنّفت المواد كـ"معدات مطبخ" من نوع Food Chopper، إلا أن الفحص اليدوي والفني كشف عن محتويات مختلفة تمامًا.
أظهرت التحقيقات أن الشحنة كانت تحتوي على:
1300 جهاز نداء (بيجر) ذهبي اللون من طراز Apollo 924 R3 GP بتردد 450–470 ميغاهرتز
710 شاحن راديو من نوع Desktop Charger BC-144N
مواد متفجرة شديدة الاشتعال مخفية داخل بطاريات الأجهزة وشواحنها


الفحص الأولي الذي أجرته شرطة إسطنبول – قسم المتفجرات، بالتعاون مع مختبر الجريمة، أظهر أن بعض بطاريات هذه الأجهزة تحتوي على مادة متفجرة بيضاء شديدة الاشتعال بوزن 3 غرامات، مخفية ضمن جسم معدني داخل البطارية. وقد تبيّن أن هذه المادة قادرة على الانفجار عند استقبال الجهاز إشارة قوية أو في حال تعرضه لماس كهربائي، مما يؤدي إلى انفجار فوري قد يسبب الوفاة أو الإصابة البالغة.
وأكد الفحص أيضًا أن شواحن هذه الأجهزة تحتوي على بطاريات مزدوجة موضوعة داخل غلاف معدني مصمّم لاحتواء مواد متفجرة بنية داكنة اللون، وهي الآلية نفسها التي استُخدمت في الهجمات التي شهدتها بيروت في أيلول.
وقد تمّت مصادرة الشحنة بالكامل بأمر من النيابة العامة المناوبة لدى مكتب مكافحة الجرائم الإرهابية، كما تم تدمير الأجهزة والشواحن المفخخة تحت إشراف تقني دقيق، لتفادي أي خطر.
في أعقاب هذا الكشف الخطير، رفعت سلطات أمن المطار مستوى التفتيش والرقابة، وبدأت حملة تفتيش دقيقة لشحنات أخرى، منها رحلة TK6091 المتجهة من تايوان إلى لبنان، بعد ورود معلومات عن احتمال وجود مواد مشابهة على متنها. وقد تبيّن لاحقًا أن بوليصة الشحن الخاصة بها تتضمن أجهزة قادرة على "استقبال وترجمة وإعادة إنشاء الصوت أو الصورة"، ما عزز من الشكوك حول استخدامها لأغراض تجسسية أو إرهابية.
ويأتي هذا التطور في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، خصوصًا بعد العمليات الأمنية التي نُسبت إلى إسرائيل في لبنان، وتأكيد تقارير أمنية وإعلامية سابقة استخدام الموساد لوسائل وتقنيات غير تقليدية في تنفيذ عمليات اغتيال دقيقة داخل الأراضي اللبنانية.