أكد رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال لبنان مارون الخولي رفضه القاطع للاقتراح الذي قدمه وزير العمل بزيادة الحد الأدنى للأجور إلى 28 مليون ليرة لبنانية، مشيرًا إلى أن الزيادة التي تبلغ حوالي 10 ملايين ليرة لبنانية لا تمثل سوى "زيادة رمزية" غير كافية لمواجهة الأعباء الاقتصادية والاحتياجات الحقيقية للعمال في ظل الوضع الراهن.
ووصف الخولي الاقتراح المقدم من وزير العمل بأنه "خارج إطار لجنة المؤشر"، مشددًا على أن تحديد الحد الأدنى للأجور يجب أن يتم عبر لجنة المؤشر التي تُعنى بدراسة مؤشرات التضخم وغلاء المعيشة بشكل علمي ومنهجي.
وأشار إلى أن هذا الاقتراح يفتقر إلى المعايير القانونية ولا يعكس الواقع الاقتصادي المُنهك في لبنان، حيث وصلت قيمة الليرة اللبنانية إلى أدنى مستوياتها، مما أدى إلى انهيار بنسبة تفوق 95% في قيمتها أمام العملات الأجنبية.
وأشار الخولي إلى أن الزيادة المقترحة "مساعدة مالية عينية" تفتقر إلى رؤية استراتيجية بعيدة المدى ولا تلبي احتياجات العمال الأساسية، مثل الكهرباء والمياه والمحروقات والتعليم، التي تتجاوز تكلفتها الإجمالية 1000 دولار شهريًا في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية.
وأكد أن هذه الزيادة لا تغطي الحد الأدنى من احتياجات الطبقة العاملة، بل هي بمثابة "إهانة" للعمال في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يواجهونها.
وقال الخولي إن هذا الاقتراح يكرس "الظلم البنيوي" ضد العمال، حيث يُفضل أصحاب العمل والهيئات الاقتصادية الحفاظ على أرباحهم على حساب حقوق العمال في العيش الكريم. كما أضاف أن لبنان يحتل المرتبة الأولى في غلاء المعيشة بين الدول العربية، ويحتل المرتبة 23 عالميًا في غلاء المعيشة السياحية، بينما تبقى الأجور ضعيفة مقارنة بالدول الأخرى، مما يزيد من نسبة الفقر ويهدد الاستقرار الاجتماعي.
وحذر الخولي من أن إبقاء الأجور منفصلة عن مؤشرات التضخم سيؤدي إلى ركود اقتصادي كبير، حيث يفقد العمال القدرة على الشراء، مما ينعكس سلبًا على القطاعات الاقتصادية مثل السيارات والأدوات المنزلية ويؤدي إلى تفاقم أزمة السيولة. وأكد أن "الحد الأدنى الواقعي يجب أن يرتبط بأسعار السوق ويتحرك بشكل دوري لضمان التوازن بين الأجور والتضخم".
وفي خطوة تعبيرية عن التضامن مع مطالب العمال، أعلن الخولي دعم الاتحاد العام لنقابات عمال لبنان للموقف الذي أعلنه الاتحاد العمالي العام، وأكد أن الاتحاد سيواصل دعم أي تحركات نقابية أو شعبية ترفض هذا الاقتراح.
وحذر من أن تجاهل مطالب العمال سيؤدي إلى احتقان واسع النطاق قد يتجاوز السيطرة، خاصة في ظل وجود أكثر من مليون عامل يعيشون في ظروف معيشية صعبة.
وختم الخولي بالدعوة إلى إعادة تشكيل لجنة المؤشر بعيدًا عن التأثيرات السياسية والاقتصادية الضيقة، مطالبًا بإقرار "حد أدنى واقعي" للأجور لا يقل عن 800 دولار شهريًا، مع ربط الأجور بمؤشر التضخم وغلاء المعيشة بشكل دوري. كما دعا إلى اتخاذ خطوات لحماية العمال من الصرف التعسفي وتأمين تعويضات نهاية الخدمة العادلة لضمان كرامتهم.