اقليمي ودولي

العربية
الخميس 15 أيار 2025 - 10:55 العربية
العربية

واشنطن خبّأت صواريخها تحت جليد غرينلاند... والسرّ ينكشف بعد عقود

واشنطن خبّأت صواريخها تحت جليد غرينلاند... والسرّ ينكشف بعد عقود

في كشف غير متوقّع، أعلن فريق من العلماء التابعين لوكالة الفضاء والطيران الأميركية "ناسا"، أنّهم وخلال اختبار نظام رادار في شمال غرينلاند، رصدوا قاعدة قديمة كانت جزءًا من مشروع عسكري أميركي بالغ السرية، حمل اسم "Ice Worm"، يعود إلى ذروة الحرب الباردة، ويهدف إلى بناء شبكة من مواقع إطلاق صواريخ نووية تحت الجليد.


ووفقاً للبيان، فإن هذا الاكتشاف تمّ عن طريق الصدفة أثناء إجراء اختبارات علمية روتينية، لكنّ نتائجه أعادت تسليط الضوء على واحدة من أكثر خطط البنتاغون سرّية خلال ستينيات القرن الماضي، حين كانت واشنطن تسعى لترسيخ تفوقها النووي في مواجهة الاتحاد السوفياتي.


المشروع، الذي بقي سرًّا حتى تسعينيات القرن العشرين، تمثّل بإنشاء منشأة ضخمة تحت جليد القطب الشمالي، عُرفت باسم "معسكر سينشري" (Camp Century). وبدأ بناء القاعدة عام 1959، على بُعد نحو 150 ميلًا من قاعدة "ثول الجوية"، وهي واحدة من أهم المواقع الدفاعية الأميركية في القطب الشمالي.


وقد صُمّم المعسكر ليحتوي على مئات الصواريخ النووية تكون على مسافة إطلاق مباشرة من موسكو. ورغم تقديمه للعامة حينها على أنه منشأة بحثية قطبية، إلا أنّ الكشف عن طبيعته الحقيقية لم يظهر إلا عام 1996، وفقًا لتحقيق سابق نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال".


بلغت تكلفة بناء "معسكر سينشري" نحو 8 ملايين دولار، وتمّ نقل أكثر من 6000 طن من المواد والإمدادات إليه عبر قوافل هندسية ضخمة تابعة لفيلق مهندسي الجيش الأميركي. وتمّ حفر 24 نفقًا تحت الأرض، غطّيت بأقواس فولاذية وطبقات ثلجية، لاحتضان منشآت متنوعة.


أبرز ما احتواه المجمع كان نفقًا رئيسيًا يُعرف بـ"الشارع الرئيسي"، امتدّ على طول 1000 قدم، وبعرض 26 قدمًا، وضمّ تحت سقفه نحو 200 عنصر أميركي من طواقم عسكرية وفنية.


واحتوت القاعدة على مرافق متكاملة شملت مطبخًا وكافتيريا، عيادة طبية، مركز اتصالات، صالون حلاقة، كنيسة، قاعة ترفيهية، ومنطقة غسيل ملابس، كما حفرت آبار لتوفير 10 آلاف غالون من المياه العذبة يوميًا.


ولتشغيل المجمع، جرى تركيب مفاعل نووي محمول بوزن 400 طن، وهو الأول من نوعه الذي يُستخدم في هذا السياق، بهدف توليد الطاقة الكهربائية والحرارية لتدفئة الأنفاق والمرافق في ظل درجات حرارة كانت تصل إلى -70 فهرنهايت، ورياح بسرعات بلغت 125 ميلاً في الساعة.


لطالما اعتبرت الولايات المتحدة غرينلاند موقعًا ذا أهمية استراتيجية بالغة، خصوصًا لقربها من الدائرة القطبية الشمالية، ولإمكانياتها العسكرية والمعدنية الكبيرة. ومنذ الحرب العالمية الثانية، حافظت واشنطن على وجود عسكري دائم فيها، فيما رفضت الدنمارك مرارًا بيع الإقليم المتمتّع بالحكم الذاتي، رغم الضغوط السياسية والاقتصادية.


ومع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تضاعفت مساعي إدارته للسيطرة على غرينلاند، وقد لمّح سابقًا إلى إمكانية استخدام القوة العسكرية أو الإكراه الاقتصادي لتحقيق هذا الهدف، في ظل تنافس متصاعد مع الصين وروسيا على النفوذ في القطب الشمالي.


رغم إغلاق "معسكر سينشري" بعد سنوات قليلة على تشغيله بسبب عدم استقرار الجليد المتحرّك، لا يزال المشروع يثير قلقًا بيئيًا واسعًا، إذ تُظهر الدراسات الحديثة أن ذوبان الجليد نتيجة تغيّر المناخ قد يُحرّر نفايات مشعة وملوّثات كيميائية مدفونة تحت السطح.


ويأتي هذا الكشف في وقت تزداد فيه أهمية القطب الشمالي كجبهة استراتيجية عالمية، سواء من الناحية العسكرية أو الاقتصادية، وهو ما قد يُعيد إحياء خطط مماثلة من قِبل قوى كبرى تتسابق على النفوذ في هذه المنطقة الحيوية.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة