أعلنت ثلاثة وزراء في حكومة الوحدة الوطنية الليبية المعترف بها دوليًا، اليوم الجمعة، استقالتهم من الحكومة التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، في خطوة تعكس تصاعد الأزمات السياسية والأمنية في البلاد، بعد أيام من أعنف الاشتباكات التي شهدتها العاصمة طرابلس منذ سنوات.
وشملت الاستقالات وزير الاقتصاد والتجارة محمد الحويج، ووزير الحكم المحلي بدر التومي، ووزير الإسكان والتعمير أبو بكر الغاوي، وفقًا لما نقلته وسائل إعلام محلية. وحتى الآن، لم تصدر الحكومة تعليقًا رسميًا على هذه الاستقالات التي تأتي في ظل تزايد الضغوط السياسية والشعبية المطالبة برحيل الحكومة.
ميدانيًا، خرجت حشود من المتظاهرين إلى ساحة الشهداء وسط طرابلس، رافعين شعارات تطالب بإسقاط حكومة الدبيبة، وحمل بعضهم رئيس الحكومة مسؤولية الاشتباكات الدامية التي اندلعت منذ مساء الإثنين الماضي. وتوجه المتظاهرون إلى مبنى ديوان رئاسة الوزراء في طريق السكة مرددين هتافات تدعو إلى رحيل الحكومة.
شهدت طرابلس منذ مساء الإثنين مواجهات مسلحة غير مسبوقة، حيث أطلق اللواء 444 التابع لوزارة الدفاع عملية عسكرية ضد جهاز دعم الاستقرار، أسفرت عن استشهاد عبد الغني الككلي المعروف بـ"غنيوة"، أحد أبرز القيادات المسلحة في العاصمة منذ 2011. وتوسعت الاشتباكات لتشمل مواجهات منفصلة بين اللواء 444 وقوات جهاز الردع التابع للمجلس الرئاسي، استخدمت فيها أسلحة ثقيلة واستمرت حتى مساء الأربعاء، بعد رفض جهاز الردع قرارات حكومية بحل بعض الأجهزة المسلحة المرتبطة به.
وفي ظل هذه التوترات، أكد مصدر بوزارة الداخلية انتشارًا مكثفًا لقوات الأمن، بما في ذلك قوة إنفاذ القانون وقوة دعم مديريات الأمن، مع وجود دوريات ثابتة في مناطق التماس، إضافة إلى سحب عشرات الآليات الثقيلة وإعادتها إلى ثكناتها، ما اعتُبر مؤشرًا إيجابيًا على نوايا التهدئة.
على الصعيد الدولي، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش جميع الأطراف الليبية إلى الالتزام بوقف إطلاق النار واتخاذ "خطوات عاجلة" للحفاظ على هذا الوقف عبر الحوار. وأعرب المتحدث باسم غوتيريش عن "حزن عميق" إزاء مقتل ما لا يقل عن ثمانية مدنيين خلال الاشتباكات، مؤكداً على ضرورة حماية المدنيين وتجنب أي تصعيد جديد.
يُعد هذا التصعيد الأكبر في طرابلس منذ أشهر، ويُبرز هشاشة الوضع الأمني والسياسي في ليبيا، وسط الانقسام المؤسسي والصراعات المستمرة بين الفصائل المسلحة، رغم التفاهمات السياسية القائمة التي تهدف إلى تحقيق الاستقرار.