في هذا الإطار، أكّد الخبير الاقتصادي وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أنيس أبو دياب، أن أي خطوة نحو الخصخصة يجب أن تُدرس بعناية، مشيرًا إلى أن "في كل موضوع، هناك إيجابيات وسلبيات، لكن ما جرى الحديث عنه خلال اليومين الأخيرين حول بيع أصول مرتبطة بالمطار أو المرفأ، تم نفيه من قبل معالي وزير الأشغال العامة والنقل ببيان رسمي".
وفي حديث إلى "ليبانون ديبايت"، أوضح أبو دياب أنه "بغض النظر عن صحة ما تم تداوله عن خصخصة في المطار أو المرفأ والذي سبق أن نفاه الوزير، فإن التوقيت الحالي غير مناسب للخصخصة، لأن السوق في حالة هبوط حاد، والبلد يعيش أزمة اقتصادية شديدة، ما يعني أن أسعار أصول الدولة متراجعة. وهذا يجعل من طرح عملية الخصخصة اليوم خيارًا غير صائب. الأفضل أن تعمل المؤسسات على تحسين أدائها وإنتاجيتها، ما يؤدي إلى رفع قيمتها السوقية، وبالتالي تصبح عملية الخصخصة حينها ذات مردود إيجابي أعلى".
وأضاف: "أنا لا أؤيد الخصخصة بالمطلق، لأنها تنطوي بشكل أو بآخر على تخلي الدولة عن ملكيتها. في لبنان، صدر في أيلول 2017 قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وأعتقد أن هذا هو الإطار الأنسب لإدارة أصول الدولة، بما فيها كهرباء لبنان، والمطار، والمرفأ، وغيرها من المؤسسات العامة، وحتى الأملاك العامة. هذا النموذج يُبقي على صلاحية الدولة ويمنح في الوقت نفسه دورًا للقطاع الخاص".
ويعبّر أبو دياب عن تحفظه على موضوع الخصخصة بشكل مطلق لأنه قد يعني ذلك في مكان ما التخلي عن ملكية الدولة.
ويذكر أنه في لبنان أُقر قانون في أيلول 2017 يقوم على الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وهو يعتقد أن هذا أفضل ما يكون لإدارة أصول الدولة ومؤسساتها، بما فيها كهرباء لبنان، والمرافق من المطار والكثير من المؤسسات الأخرى، وهو يفسح في المجال للقطاع الخاص بالمساهمة ويُبقي على صلاحية الدولة لأملاكها الخاصة.
ولكنه ينبه إلى أنه بدون أدنى شك، وفي أكثر من مجال، فإن خصخصة القطاع العام سيعني إعادة نظر بالعمال في هذه المؤسسات، وبالتالي ربما هذا سيؤدي في بداية الأمر إلى ارتفاع نسبة البطالة، لكن لاحقًا، ربما بعد التفعيل وتحسين إنتاجية القطاع، قد يؤدي ذلك إلى تغير في سوق العمل وبالتالي زيادة الطلب.
أما بالنسبة لتأثير الخصخصة على المستهلك، فأشار إلى أنه "في الحالة التي تعاني منها مؤسساتنا اليوم، قد تكون الخصخصة مفيدة له. على سبيل المثال، مؤسسة كهرباء لبنان اليوم، وهي مؤسسة وطنية عامة، لا توفر أكثر من 4 إلى 6 ساعات كهرباء في اليوم، وبسعر مرتفع. الخصخصة، في هذه الحالة، قد تُسهم في تحسين القطاع وتقديم خدمة أفضل وبأسعار أكثر عدالة".
ويعطي أبو دياب مثالاً آخر كقطاع النقل، فإذا تم تنفيذ مشاريع مثل خطوط بحرية سريعة أو جسور مدفوعة، فهذا قد ينعكس إيجابًا على حركة النقل والاقتصاد. فعلى سبيل المثال، الانتقال من بيروت إلى جونية يستغرق اليوم حوالي ساعة إلى ساعتين، بينما قد يُختصر إلى 10 دقائق بخط بحري مدفوع، وهو خيار ذو مردود أفضل، حتى لو كان بمقابل.
لذا، يرى أنه في ظل فشل إدارة القطاع العام خلال العشرين عامًا الماضية، قد تكون الخصخصة، إذا نُفذت بحذر وضمن ضوابط، أفضل للمستهلك اللبناني. لكن الأساس يبقى في تفعيل قانون الشراكة الصادر عام 2017، والذي لا يزال بحاجة إلى مراسيم تطبيقية، ويجب الإسراع في إصدارها والبدء بتطبيقه، بدلًا من التوجه إلى الخصخصة المباشرة أو بيع الأصول في سوق خاسر.