عندما كانت العين على الانتخابات البلدية والاختيارية في مرحلتها الأخيرة في الجنوب والنبطية، كانت الساحة المتنية تتحضّر لانتخابات اتحاد البلديات. وبين السبت والأحد وصباح الإثنين، نُسجت خيوط "الصفقة". فماذا عن تفاصيل ما حدث؟
مع بروز نتائج التصويت ظهر الإثنين، سرّبت الماكينة الانتخابية لآل المر لائحة بالبلديات التي صوتت لصالحها، وهي: بتغرين، الرابية، بيت الشعار، مزرعة يشوع، قرنة شهوان، نابيه، بصاليم، جل الديب، أنطلياس، الزلقا، الفنار، الدكوانة، برج حمود، العيون، الدوار، برمانا، بعبدات، الضبية، بياقوت، مار شعيا، قنابة برمانا، وبحرصاف. لتظهر المفاجأة، إذ إن عدداً من رؤساء هذه البلديات وصل بمعارك ضد آل المر، وبدعم من القوات اللبنانية أحياناً، ومن حزب الكتائب خصوصاً أيضاً.
أكثر من ذلك، أفرزت الدورة الأولى من انتخاب نائب رئيس الاتحاد فوز رئيس بلدية أنطلياس (خصم المر في المنطقة والمدعوم من القوات) بنيابة الرئيس، وحصول رئيس بلدية الضبية نبيه طعمة (المدعوم من الكتائب والقوات) على أصوات لنيابة الرئيس، قبل أن يُعاد الفرز ويتم التصويت لصالح رئيس بلدية بيت مري روي بو شديد. وهي النتيجة التي لم ترضِ جورج بو جودة وداعميه، مع بروز معطيات صباح اليوم عن اتجاهه للطعن بالنتيجة.
فكيف حصل هذا "الانقلاب"؟
تشير المعلومات إلى أن "الطبخة" وُضعت على النار قبل يومين من موعد الانتخاب، إذ حصل اجتماع ليل السبت في منزل الوزير السابق الياس المر، وضم عدداً من رؤساء البلديات، وخلص إلى "صفقة" تقضي بعودة ميرنا المر إلى رئاسة الاتحاد، في مقابل انتخاب رئيس بلدية أنطلياس لنيابة الرئيس، الذي فاز في الانتخابات البلدية مدعوماً من القوات ضد لائحة المرّ والتيار. بعدما كان رئيس بلدية الدكوانة أنطوان شختورة قد وُعد بالمنصب، قبل أن يُطلب منه الانسحاب، لضرورات تصويت بو جودة لميرنا المر.
وفي هذا الاجتماع، جرى، بشكل أو بآخر، جذب بلديات خاضت لوائحها الانتخابات على أساس التغيير في المتن، ومن بينها الفنار، ومار شعيا، وبياقوت، على سبيل المثال، للتصويت لصالح المر، بينما كانت نيكول الجميل تعتبر أن هذه البلديات ستصوّت لصالحها.
وأظهرت النتائج أن بلديات أخرى لم ترضخ للضغوط التي مورست، والتزمت التصويت للجميل، على غرار سن الفيل التي يرأس بلديتها الكتائبي نبيل كحالة، والجديدة (مسقط رأس النائب ابراهيم كنعان)، وضهر الصوان التي تُعتبر بلدته الثانية، والغابة والعيرون.
في حين سرت معطيات إعلامية عن خلاف بوجهات النظر بين القوات والكتائب، حول مقاربة انتخابات الاتحاد، وتداعيات معركة زحلة التي وقفت فيها القوات بمواجهة الكتائب.
العارفون بالشأن المتني وبجولاته الانتخابية، يرون أن توصيف معركة اتحاد بلديات المتن بالسياسية لا يمتّ للواقع بصلة، لأن الانتخابات نجمت عن تركيبات وصفقات وضغوط على البلديات، بينما الأبعاد السياسية والعائلية تمثّلت عملياً في انتخابات بلديات القرى والبلدات المتنية، ساحلاً ووسطاً وجرداً، والتي ظهر فيها أن الأغلبية المطلقة من بلدات المتن الـ54، بما فيها الـ33 بلدية ضمن الاتحاد، صوّتت لصالح "التغيير" في المتن الشمالي. ولذلك، فإن نتيجة انتخابات الاتحاد لا تعكس الأحجام ولا إرادة الناخب المتني. والواقع يطرح تساؤلات عن جواز بقاء وضع الاتحاد على ما هو عليه، وضرورة إدخال تعديلات عليه، وإدخال بلديات كبرى غير منضوية فيه إلى عائلته.