يؤكد الكاتب والمحلل السياسي غسان ريفي، في حديث إلى "ليبانون ديبايت"، أنه لا يوجد أي تبادل أدوار بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة فيما يتعلق بالتعامل مع المرحلة الراهنة، فلكلٍّ منهما أجندته، ويبدو أن الفارق بين الأجندتين يعكس تباينًا جوهريًا في الرؤية السياسية والاستراتيجية.
ويقول ريفي: "رئيس الجمهورية يتحرك وفق أجندة وطنية تتسم بالحكمة والوعي بخطورة المرحلة المقبلة، بينما يبدو أن أجندة رئيس الحكومة تختلف جذريًا، وربما نحن أمام صراع أولويات حقيقي".
ويشرح: "أولوية رئيس الجمهورية، والتي يقف خلفها غالبية الشعب اللبناني، تقوم على مقاربة وطنية واضحة: الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية، وقف العدوان، إنهاء الخروقات، إطلاق الأسرى، تنفيذ القرار الدولي 1701، والالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، بعد تحقيق هذه الخطوات، يصبح بالإمكان تناول ملف سلاح المقاومة في إطار حوار وطني داخلي، تُشرف عليه الدولة اللبنانية بعد أن تكون قد استعادت سيادتها الكاملة".
في المقابل، يرى ريفي أن "رئيس الحكومة يتبنى أولوية مغايرة بالكامل، وهي الدفع نحو نزع سلاح حزب الله في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي وتحت مظلة الاحتلال، وهذا أمر لا يمكن لأحد أن يتحمله أو أن يتبنى تداعياته".
ويعبّر ريفي عن استغرابه الشديد من الخطاب الرسمي الصادر عن رئيس الحكومة اللبنانية، قائلاً: "كيف يمكن لرئيس حكومة أن يتحدث عن بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحصرية السلاح، في الوقت الذي لا يستطيع فيه حتى زيارة الجنوب اللبناني بسبب الاحتلال الإسرائيلي؟"
وينبّه إلى أن "الرئيس يسمع أصوات الطائرات الإسرائيلية تحلق فوق رأسه، وتخرق الأجواء اللبنانية يوميًا، وتنتهك السيادة الوطنية، وتمسّ الكرامة اللبنانية، وهو في المقابل لا يملك سوى ترداد شعارات لا تمتّ إلى الواقع بصلة، وكأنه يعيش في كوكب آخر لا يرى ماذا يحصل في الجنوب، ولا يدرك حجم الاعتداءات التي يتعرض لها لبنان".
ويتابع: "في خضم هذا الانتهاك الصارخ واليومي لسيادة لبنان، يواصل رئيس الحكومة الحديث عن حصرية السلاح، متجاهلًا الحقيقة الأهم: أن هناك اعتداءً يوميًا، وشهداء يسقطون على الأرض، ولا يُسجّل منه أي موقف فعلي تجاه هذه المأساة".
ويشير ريفي إلى أن "رئيس الحكومة لم يقم بواجبه تجاه ما يحصل، فلم يحرّك ساكنًا لاستدعاء لجنة المراقبة الدولية، فرغم أنها بدّلت رئيسها، لكنها لم تبدّل أداءها، حيث باتت مجرد شاهد زور رسمي على ما يحصل في الجنوب. كذلك، لم يبادر الرئيس سلام إلى استدعاء سفراء الدول الخمس أو اللجنة الخماسية، ولا حتى سفراء الدول الكبرى كالولايات المتحدة وفرنسا، لوضعهم أمام مسؤولياتهم كدول راعية لما يُفترض أنه استقرار في لبنان".
ويؤكد أنه كان يجب أن تُقدّم الشكاوى تباعًا إلى مجلس الأمن، لحفظ حق لبنان والدفاع عن سيادته. أما التقاعس عن ذلك، فلا يمكن اعتباره إلا تواطؤًا بالصمت، أو عجزًا مريعًا لا يليق بمن يتبوأ موقع رئاسة الحكومة.
ويستذكر كلامًا موثّقًا بالصوت والصورة للرئيس الشهيد رفيق الحريري، يقول فيه بوضوح: "لا رفيق الحريري ولا حكومة رفيق الحريري، ولا أي حكومة أخرى مهما بلغت قوتها، تستطيع أن تنزع سلاح المقاومة في ظل وجود الاحتلال الإسرائيلي".
ويختم ريفي بالقول: "إذا كان البعض يتخذ من الرئيس الشهيد نموذجًا وقدوة، فليتذكروا جيدًا ما قاله بهذا الشأن، إذ اختصر الموقف بكلمة حاسمة: نقطة على السطر".