اقليمي ودولي

روسيا اليوم
الاثنين 09 حزيران 2025 - 11:41 روسيا اليوم
روسيا اليوم

أدولف تولكاشيف: الجاسوس الذي باع أسرار الاتحاد السوفيتي مقابل "مليار دولار"

أدولف تولكاشيف: الجاسوس الذي باع أسرار الاتحاد السوفيتي مقابل "مليار دولار"

ألقت أجهزة الأمن السوفيتية القبض عام 1985 على المهندس أدولف تولكاشيف، المصمم البارز في معهد أبحاث الدفاع الراديوي، والذي تبين لاحقاً أنه كان عميلاً سرياً لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)، في واحدة من أخطر عمليات التجسس خلال الحرب الباردة.


عرفته الـCIA بلقب "الجاسوس بمليار دولار"، نظراً لحجم المعلومات الحساسة التي سرّبها، والتي تسببت في أضرار جسيمة للأمن السوفيتي. فقد زوّد الأمريكيين بأسرار تقنية متقدمة تتعلق برادارات الطائرات الحربية وأنظمة الدفاع الجوي والاتصالات، الأمر الذي وفّر للولايات المتحدة مليارات الدولارات كانت ستُصرف على أبحاث وتطوير مماثلة.


وكان من أبرز ما سرّبه تولكاشيف النظام السوفيتي للتعرف "الصديق-العدو"، ما اعتُبر تهديداً استراتيجياً لأمن البلاد. وقد بدأت علاقته بالاستخبارات الأمريكية عام 1977 حين بادر بنفسه بالاتصال بهم، إلا أن الـCIA شكّت في البداية بأن الأمر ربما يكون فخاً من جهاز الاستخبارات السوفيتي (KGB). وبعد محاولات متكررة منه، نجح في إقناعهم بمصداقيته عام 1978، وحصل على الاسم الرمزي "سبهرا".


اعتمد تولكاشيف في تجسسه على وسائل مبتكرة في التواصل ونقل المعلومات، أبرزها استخدام إشارات عبر النوافذ، واللقاءات السرية، وتصوير آلاف الوثائق بكاميرا مصغّرة مخبأة داخل سلسلة مفاتيح. وعلى مدى ست سنوات، أجرى 21 لقاءً سرياً مع عملاء أمريكيين دون أن يُكشف أمره.


تلقى مقابل خدماته ما يعادل مليوني دولار في حسابات بنكية خارجية، إضافة إلى 800 ألف روبل سوفيتي، عُثر على 600 ألف منها عند القبض عليه. ورغم امتلاكه لهذه الثروة، ظل تولكاشيف حذراً في إنفاقها، خوفاً من إثارة الشبهات، ولم يستفد منها إلا في شراء سيارة "فولغا" مستعملة، وامتلاك كوخ صيفي صغير وزراعة البطاطس في قطعة أرض تبعد 80 كيلومتراً عن موسكو.


وفي عام 1985، تم كشف هويته نتيجة خيانة إدوارد لي هوارد، العميل السابق في CIA، الذي كشف معلومات حساسة لجهاز الـKGB. اعتُقل تولكاشيف في 9 حزيران 1985، وأقر بالتهم الموجهة إليه. وأصدرت المحكمة العسكرية السوفيتية حكماً بإعدامه رمياً بالرصاص، ونُفذ الحكم في 24 أيلول  1986.


زوجته ناتاليا، التي أُدينت بعدم الإبلاغ عن أنشطته، حُكم عليها بالسجن ثلاث سنوات وأُفرج عنها بعفو عام 1987. وبعد إصابتها بالسرطان في عام 1991، توجهت إلى السفارة الأمريكية طلباً للمساعدة، مذكّرة إياهم بخدمات زوجها، لكن طلبها قوبل بالرفض، وردّت عليها السفارة بعبارة باردة: "هناك الكثيرون مثلك، لا نستطيع مساعدة الجميع". توفيت ناتاليا بعد فترة وجيزة، لتُختتم بذلك واحدة من أكثر قصص التجسس تعقيداً وإثارة في تاريخ الصراع بين الشرق والغرب.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة