صعّدت إيران من نبرتها تجاه الوكالة الدولية للطاقة الذرية، متهمة إياها باتخاذ موقف "سياسي" وغير موضوعي في تقييمها للبرنامج النووي الإيراني. وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، في مقابلة تلفزيونية، أن التقرير الأخير الصادر عن الوكالة يفتقر إلى الأدلة ويعتمد على "تصورات ذهنية"، معتبرًا أن القضية النووية الإيرانية كانت سياسية منذ بدايتها.
جاءت تصريحات بقائي في أعقاب تقرير سري للوكالة الدولية، نُشر في 31 أيار 2025، كشف أن طهران قامت حتى 17 أيار بتخصيب 408.6 كيلوغرام من اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%، وهو مستوى قريب من العتبة اللازمة لصناعة السلاح النووي (90%)، بزيادة تبلغ نحو 50% مقارنة بشهر شباط الماضي.
وقال بقائي أن إيران لم ترتكب أي انحراف أو خرق في التزاماتها النووية، مضيفًا أن المقابلات الإعلامية التي أجراها المدير العام للوكالة، رافائيل غروسي، تصبّ في مصلحة "الطرف المقابل". وشدد على أن طهران سترد بشكل متناسب على أي قرار محتمل يصدر عن مجلس محافظي الوكالة، دون أن يوضح طبيعة الرد.
وفي تطور متزامن، أفادت مصادر دبلوماسية بأن ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة قدمت مشروع قرار أمام مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية يدين إيران بسبب "عدم احترامها التزاماتها" بموجب الاتفاق النووي. ومن المتوقع التصويت على المشروع مساء الأربعاء في فيينا، وسط تصاعد التوتر الدبلوماسي بشأن الملف الإيراني.
وفي ما يتعلق بالمفاوضات النووية، أوضح بقائي أن الشروط الإيرانية للمضي قدماً في أي اتفاق واضحة، وتشمل الاعتراف بحق إيران في التخصيب، إضافة إلى رفع العقوبات. وقال أن التخصيب "ليس مسألة هيبة وطنية بل موضوع علمي وتقني"، مشيراً إلى استعداد بلاده للمشاركة في أي خطة تعاون إقليمي في هذا المجال، لكنه أضاف أنه "لا يوجد إطار واضح بعد" لمثل هذا التعاون.
وأكد أن إيران سترد "بردود غير متوقعة عند الضرورة"، في إشارة إلى ما قد تعتبره تصعيداً دبلوماسياً أو فنياً في حال تصاعد الضغط الدولي أو صدور قرارات تدينها.
وفي ظل هذا التصعيد، تتواصل التحضيرات لجولة جديدة من المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، حيث أعلنت طهران أن الجولة مقررة يوم الأحد المقبل. لكن تصريحات متباينة ظهرت من الجانب الأميركي، حيث قال الرئيس دونالد ترامب أن الجولة ستُعقد يوم الخميس، في حين رجّح مصدر مطّلع أن تُعقد الجمعة أو السبت، قبل أن يؤكد بقائي مجدداً أن الموعد النهائي هو الأحد.
يُذكر أن البلدين أجريا خمس جولات تفاوضية سابقة بوساطة عمانية منذ نيسان الماضي، سعياً لإحياء اتفاق بديل للاتفاق النووي الموقع عام 2015. لكن المفاوضات تعثرت عند مسألة تخصيب اليورانيوم، التي تصرّ إيران على أنها من حقوقها المشروعة بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي، في حين تعتبر الإدارة الأميركية أن تخصيب إيران لليورانيوم عند نسب مرتفعة هو "خط أحمر" لا يمكن تجاوزه.