"ليبانون ديبايت"
شكّلت الضربات الأميركية على المنشآت النووية الإيرانية فجر اليوم مساراً جديداً للحرب القائمة بين إسرائيل وإيران، ولكن ما أحاط بهذه الضربات من سرديّات مختلفة يدفع باتجاه قراءة عسكرية بسيناريوهات مختلفة. فهل نحن أمام تصعيد في المنطقة؟ وهل سيشكّل الرد الإيراني مفترقاً جديداً في الحرب؟ أم أن الأمور ستذهب إلى تسوية على قاعدة حفظ ماء وجه كافة الأطراف؟
رأى الخبير العسكري والعميد المتقاعد حسن جوني، في حديث إلى “ليبانون ديبايت”، أنّ الضربة الأميركية على المنشآت النووية الإيرانية شكّلت تحوّلاتٍ في الصراع، فإمّا تأخذه باتجاه إقليمي متفجّر أكثر، أو ممكن أن تؤدي إلى إنهاء المواجهة، ويمكن أن تشكّل مشهداً سياسياً يمكن لكل فريق أن يقرأه وفق مصالحه وسرديّته الخاصة.
واستند العميد جوني إلى ما أعلنه الإيراني عن إخراج اليورانيوم المخصّب من المنشأة المستهدفة قبل الضربة بوقت كافٍ، وبالتالي فإنّها لم تتضرر فعلياً، في حين أن الولايات المتحدة أعلنت أنها استهدفت مداخل منشأة “فوردو”، ما يدلّ على أن الطرفين يتعاملان مع الضربة ضمن إطار محدود ومدروس.
وأضاف: “من هنا، فإن سرعة الاحتفال الأميركي والإسرائيلي بما اعتبروه إنجازاً، يمكن قراءتها كمحاولة لبناء مشهد يُفضي إلى حلّ النزاع أو إنهائه، عبر تبنّي كل طرف سردية تحفظ له ماء الوجه. الإيراني سيقول إنه لم يتم تدمير المشروع النووي، لأنه احتفظ باليورانيوم، ولم تُمسّ المنشآت الحيوية فعلياً، فيما الأميركي والإسرائيلي يقدّمان الأمر على أنه ضربة أنهت البرنامج النووي الإيراني”.
وبحسب جوني، فإن هذا السيناريو وارد أكثر من غيره، وقد يُستخدم لتبرير الخروج من دائرة التصعيد، “لكن مع ذلك، لا يُمكن استبعاد أن تقوم إيران بردّ، حتى لو اختار الطرفان تهدئة المشهد لاحقاً”.
وقال: “أنا أستبعد تماماً أن لا يكون هناك ردّ إيراني، سواء على المصالح الأميركية أو بشكل مباشر، ولكن بعد الرد فإمّا أن نذهب إلى السيناريو هذا، ويمكن أيضاً أن نذهب إلى مواجهة تصعيدية أكثر، لأنه بطبيعة الحال ستعود أميركا للرد. ولذلك يجب انتظار تبلور مدى التدخل الأميركي وإلى أي مدى سيذهب قرار التدخل في الحرب، هل للقضاء على إيران لإخضاعها بالقوة لتغيير النظام؟ أم فقط لمساعدة إسرائيل لتدمير المفاعل النووي؟”.
وتابع العميد جوني: “وهنا تأتي النقطة الثالثة، وهي دور روسيا والصين. لا يمكن تجاهل الموقف الحقيقي لهاتين القوتين الدوليتين من الضربة الأميركية. هل تقبلان بهذا المستوى من التفوق الأميركي في المنطقة؟ وهل تقبلان بسيناريو تخرج فيه إيران مهزومة من أجل جرّها إلى طاولة مفاوضات بشروط أميركية؟”.
وطرح تساؤلاً لافتاً: “ألا يشكّل هذا خللاً خطيراً في موازين القوى الإقليمية والدولية؟ وألا يُعزز هذا المسار النفوذ الأميركي العالمي، ويدفع باتجاه نظام أحادي القطبية؟ في حين أنّ السياسة الخارجية لكل من موسكو وبكين تقوم على أساس الدفع نحو عالم متعدد الأقطاب”.