الإجماع المحلي على إبداء الإرتياح "اللافت" لخطاب الموفد الأميركي توماس برّاك، المتمايز عن خطاب وتعابير مورغان أورتيغاس، مهددٌ بالإنفراط بعد مواقفه اللاحقة من ملف حصرية السلاح ومزارع شبعا من جهة، وترسيم وتثبيت أمن الحدود اللبنانية ـ السورية من جهةٍ أخرى، والتي يكرّرها في إطلالاته الإعلامية، ويرتقب أجوبةً لبنانية عليها في زيارته المقبلة إلى بيروت.
وبينما تتّجه الأنظار إلى ما أعلنه الرئيس السابق للحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط حول السلاح "غير الشرعي" وهوية مزارع شبعا، لجهة الربط ما بين هذه الخطوة و"أجوبة" لبنان على ورقة برّاك، فإن أوساطاً سياسية مطلعة تكشف ل"ليبانون ديبايت"، أن "المفاجأة" الجنبلاطية، تندرج في سياق التجاوب المحلي مع ورقة العمل الأميركية، التي وصلت إلى بيروت، وذلك بمعزلٍ عن "حاملها" وخطابه الدبلوماسي الذي يحمل بصمةً لبنانية، من حيث اختيار التعابير أو تدوير الزوايا.
في المحصلة، فإن مسألتين تشكلان أولويةً وملفاً مستعجلاً لدى واشنطن، إذ أن تسوية العلاقات مع سوريا يأتي في مقدمة الإهتمامات اليوم، على حدّ قول الأوساط السياسية، خصوصاً وأن موضوع مزارع شبعا، الذي يشكل الأولوية الثانية، يحمل أبعاداً متعدّدة متصلة بملف العلاقة مع سوريا، وبملف حصرية السلاح بيد الشرعية اللبنانية وتثبيت الحدود الجنوبية بين لبنان وإسرائيل، وضمناً الإنسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس المحتلة.
ورداً على سؤال عن جدولة زمنية تدعو إليها الإدارة الأميركية من أجل سير لبنان بهذه العناوين، تقول الأوساط إن عنواني سلاح "حزب الله" والعلاقة مع سوريا، سيتحوّلان قريباً إلى ملفين ملحّين على المستوى اللبناني، حيث أن ما تشهده الساحة السورية بعد التفجير الإرهابي في كنيسة مار الياس، قد فرض واقعاً حدودياً بالغ الدقة والخطورة، وجعل من الجانب اللبناني معنياً بضبط الحدود، من أجل منع تسرّب الإرهاب من الأراضي السورية إلى لبنان، وخصوصاً عبر المعابر غير الشرعية.
أمّا على مستوى سلاح الحزب، فتعترف الأوساط السياسية بوجود تعقيدات إضافية في المقاربة الداخلية، وبشكلٍ خاص في ضوء المعطيات التي فرضتها نتائج الحرب الإسرائيلية ـ الإيرانية في المنطقة بالدرجة الأولى والتي ستنسحب حكماً على الساحة اللبنانية، وسترسم معادلات سياسية، وحتى أمنية جديدة، على صعيد حصرية السلاح بيد القوى الشرعية وبسط السيادة على كل الأراضي اللبنانية.