المسؤولية الأساسية في رسم ملامح ما بعد الردّ، تقع على الدولة اللبنانية، بمعنى أن المفاوضات المستمرة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والحزب، ستحدّد بشكلٍ أساسي طبيعة وشكل هذا الردّ، الذي ما زال إلى اليوم غامضاً، خلافاً لكل ما يجري تداوله بعيداً عن الاضواء كما في العلن.
ومن المبكر اليوم الدخول في أي تكهنات حول المربّع الذي سيتموضع به الحزب عشية إعلان موقفه، رغم أن مصادر نيابية مطلعة تتوقع مرونةً، بدأ التمهيد لها من خلال ما تصفه هذه المصادر ب"الضمانات" التي قد تشكل مفتاح الحل لمسألة حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية.
وإذا كانت المصادر تقرأ في رسالة الحزب عبر استعراض سلاحه بالأمس في بيروت، محاولةً لطمأنة بيئته الحاضنة، فهي تجد أن "استعراض" السلاح والمسلحين في أزقة بيروت، قد أعطي تفسيرات عدة أبرزها أنه يهدّد بإعادة النقاش في الورقة الأميركية إلى المربع الأول، وباصطفافات داخلية جديدة بين فريقين، الأول يضمّ محور حلفاء الحزب، والثاني يضمّ كل القوى الرافضة لعودة شبح الحرب والمتمسّكة بالدستور والقرارات الدولية.
ويطرح هذا الأسلوب في الردّ من قبل الحزب، والذي أتى عبر حركة أمنية لإظهار التفوّق، شكوكاً لدى الشارع قبل القوى السياسية والجهات الديبلوماسية حول طريقة مواجهة هذا الأمر الواقع الذي يفرضه الحزب على كل اللبنانيين من دون أي استثناء، خصوصاً وأن نار الإعتداءات الإسرائيلية لم تنطفىء بعد، وكانت طاولت أمس الأول منطقة خلدة.
وتقول المصادر النيابية، إن الإستعراض المسلّح يوسّع دائرة القلق من الإنزلاق إلى مكان خطرٍ على المستوى الداخلي، خصوصاً وأن الرسالة التي كان مسرحها في العاصمة، تستحضر مرحلةً قاتمة من السجالات والإنقسامات والخلافات بين اللبنانيين من القاعدة إلى القيادات.
على هذه الخلفية، تتوقع المصادر النيابية نفسها، أن تكون الظروف المحلية غير ناضجة لأي تفاهمات داخلية حول الورقة الأميركية، في ظل جنوح فريق لبناني إلى استفزاز كل الفرقاء الآخرين، رغم كل المبادرات المحلية والخارجية لتأمين تسوية هادئة لملف السلاح، والإفادة من نافذة الفرصة المفتوحة أمام لبنان اليوم، سيما وأن الموفد الأميركي براك، قد سبق وأن حذّر من أن هذه النافذة لن تبقى مفتوحةٍ لفترة طويلة.