بعد يومين من المواجهات الدامية التي شهدتها مدينة السويداء وريفها، وأودت بحياة ما لا يقل عن 30 شخصًا وأسفرت عن أكثر من 100 جريح، دخلت وزارتا الداخلية والدفاع في سوريا على خط الأحداث، متوعدتين بفرض الأمن ومعالجة ما وصف بـ"الفراغ المؤسساتي" الذي فاقم الأزمة.
وكتب وزير الداخلية السوري، أنس خطاب، في منشور على منصة "إكس"، صباح الإثنين، أن "غياب مؤسسات الدولة، خصوصًا العسكرية والأمنية منها، هو سبب رئيسي لما يحدث في السويداء وريفها من توترات مستمرة"، مشددًا على أن "لا حلّ لذلك إلا من خلال إعادة تفعيل دور المؤسسات وفرض الأمن، بما يضمن السلم الأهلي وعودة الحياة إلى طبيعتها بكل تفاصيلها".
وفي ساعة مبكرة من فجر الإثنين، أعلنت وزارة الداخلية السورية بدء "تدخل مباشر" لقواتها في مدينة السويداء وحي المقوس ومناطق التوتر المحيطة، في مسعى لفضّ النزاع الدامي بين مجموعات محلية مسلّحة وعشائر بدوية. وأكّدت أنها ستلاحق المتسببين بالأحداث وتحيلهم إلى القضاء المختص، "ضمانًا لعدم تكرار مثل هذه المآسي، وترسيخًا لسلطة القانون".
من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع السورية أنها دفعت بتعزيزات عسكرية إلى المنطقة "لضبط الوضع الأمني ومنع انفلات الاشتباكات"، موضحة في بيان أنها "تتابع ببالغ الحزن والقلق التطورات الدامية في السويداء التي أسفرت عن أكثر من 30 قتيلاً ونحو 100 جريح".
وأضافت الوزارة أن "الفراغ المؤسساتي الذي رافق اندلاع الاشتباكات ساهم في تفاقم مناخ الفوضى، ومنع المؤسسات الرسمية من التدخل السريع"، مؤكدة أنها، بالتنسيق مع وزارة الداخلية، بدأت بنشر وحدات عسكرية متخصصة في المناطق المتأثرة، وتأمين ممرات آمنة للمدنيين.
ودعت الدفاع السورية جميع الأطراف في السويداء إلى التعاون مع القوى الأمنية والتمسك بضبط النفس، مؤكدة أن "استعادة الأمن والاستقرار مسؤولية مشتركة بين الدولة والمواطنين"، ومبدية استعدادها لدعم أي مبادرة تهدف إلى تعزيز السلم الأهلي وترسيخ روح المواطنة وبناء مستقبل آمن يليق بكرامة الجميع.
وكانت مدينة السويداء شهدت خلال الأشهر الأخيرة توترات متقطعة بين فصائل مسلحة وعشائر بدوية، وسط غياب فعلي للسلطات المركزية، ما فتح الباب أمام نزاعات محلية وتدخلات خارجية، في محافظة تُعدّ من أكثر المناطق حساسية في التركيبة الطائفية والجغرافية السورية.
وفي ظل هذا المشهد، تتجه الأنظار إلى كيفية تعامل الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع مع الأزمات المتعددة في الجنوب السوري، خصوصًا مع بروز أصوات درزية تطالب بمزيد من الحكم المحلي ورفض عسكرة المدينة.