عبّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن غضب شديد خلال جلسة مغلقة للمجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية، بعد عرض خطة لإقامة "مدينة إنسانية" على أنقاض مدينة رفح جنوب قطاع غزة، في خطوة أثارت انقسامات حادة داخل المؤسسة السياسية والأمنية الإسرائيلية.
ونقلت "القناة 12" الإسرائيلية، مساء امس الأحد، أن الاجتماع شهد نقاشًا حادًا، بعد أن قدّم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال إيال زامير، جدولًا زمنيًا تفصيليًا لإنشاء المدينة المقترحة. ووفق التقديرات العسكرية، فإن تنفيذ الخطة سيستغرق عدة أشهر على الأقل، في وقت تتصاعد فيه الضغوط الداخلية والخارجية على الحكومة الإسرائيلية لتحديد مستقبل القطاع.
وعلّق نتنياهو بغضب، واصفًا المشروع بأنه "غير واقعي"، ومشيرًا إلى أنه "يفتقر إلى الجدوى الزمنية والاقتصادية". كما طلب من المؤسسة الأمنية إعداد بديل فوري يكون "أسرع، أكثر فعالية، وأقل تكلفة"، بحسب المصدر السياسي الذي حضر الجلسة.
وبحسب المصدر نفسه، رفض نتنياهو جميع الخطوات المقترحة، واعتبر أن "الجيش يسعى لإفشال المشروع عبر تقديم نموذج معقد وطويل الأمد، يمنع تنفيذه فعليًا"، وقال: "بهذه الطريقة يحاولون دفنه... الآن عليهم تقديم تصور بديل بسرعة".
وتواجه الخطة التي طرحها وزير الدفاع يسرائيل كاتس معارضة شديدة من الجيش الإسرائيلي، الذي يحذّر من تأثيرها على جهود الإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة، إلى جانب ما ستخلّفه من تداعيات إنسانية ودبلوماسية.
وكان كاتس قد أمر سابقًا بالإعداد لإنشاء مخيم ضخم لاستيعاب نحو 600 ألف فلسطيني نازح، أغلبهم موجودون حاليًا في خيام بمنطقة المواصي. ووفق موقع "تايمز أوف إسرائيل"، فإن المشروع يهدف إلى إضعاف حركة حماس عبر "عزل السكان عنها إداريًا وخدماتيًا".
وتقضي الخطة ببناء مدينة كاملة الخدمات على أنقاض رفح، التي شهدت دمارًا واسعًا نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة منذ أشهر، على أن يتولى إدارتها "شركاء دوليون"، لم يتم تسميتهم بعد، فيما يقتصر دور الجيش الإسرائيلي على "تأمين" الموقع.
ومن المفترض، بحسب كاتس، أن يتم تنفيذ المشروع خلال وقف إطلاق نار محتمل يجري التفاوض عليه حاليًا بين إسرائيل وحركة حماس، ومن المرجح أن يمتد لمدة 60 يومًا.
وتأتي هذه التطورات في وقت تتصاعد فيه الانتقادات الموجهة لحكومة نتنياهو، سواء من المعارضة أو من داخل التحالف الحكومي، بشأن غياب رؤية واضحة لمرحلة ما بعد الحرب في غزة، وخصوصًا في ظل تعقيدات ملف الأسرى واستمرار العمليات العسكرية.