في خطوة عاجلة جاءت عقب مجزرة السويداء التي هزّت الرأي العام السوري، كلف الرئيس السوري أحمد الشرع، اليوم الثلاثاء، الجهات الرقابية المختصة باتخاذ "إجراءات فورية بحق كل من ارتكب أي تجاوز"، من دون استثناء لأي رتبة أو جهة، وفق بيان رسمي صادر عن الرئاسة السورية.
وأكد البيان ضرورة "الالتزام التام ومنع أي شكل من أشكال الانتهاكات، سواء في الجهات العامة أو ضمن الأجهزة العسكرية"، في إشارة مباشرة إلى مشاهد الانتهاكات التي سُجّلت في محافظة السويداء وأثارت موجة استنكار واسعة في البلاد وخارجها.
وفي موازاة ذلك، حمّلت وزارة الخارجية السورية إسرائيل "المسؤولية الكاملة" عن الهجمات الأخيرة التي استهدفت جنوب سوريا، محذّرة من "التداعيات الخطيرة المترتبة على هذا التصعيد".
وقالت الوزارة في بيان رسمي إن سوريا "تتمسك بحقها المشروع في الدفاع عن أرضها بكل الوسائل التي يكفلها القانون الدولي"، مع تأكيدها "حرص الدولة على حماية جميع المواطنين، بمن فيهم أبناء طائفة الموحدين الدروز"، في ظل ما وصفته بـ"الاعتداءات المتكررة" التي طالتهم مؤخرًا.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أفاد في وقت سابق عن استشهاد 12 مدنيًا درزيًا في عمليات "إعدام ميدانية" نفذتها عناصر أمنية سورية داخل "مضافة آل رضوان" في مدينة السويداء. وانتشرت مشاهد صادمة تُظهر جثامين مدنيين مضرجين بالدماء داخل المضافة، إلى جانب صور مشايخ دروز مهدورة على الأرض، وأثاث مبعثر، وسط إشارات إلى عمليات إذلال ممنهجة شملت حلق شوارب عدد من الرجال عنوة.
وتزامن ذلك مع نزوح عائلات من أحياء المدينة باتجاه القرى المجاورة، في مشهد يعكس عمق الصدمة التي خلفتها المجزرة.
وفي وقت لاحق، أعلنت وزارة الدفاع السورية أن الجيش "أنهى مهامه داخل مدينة السويداء"، وبدأ انسحابه التدريجي بعد تسليم النقاط الأمنية لقوات وزارة الداخلية. وأعلن وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة وقفًا تامًا لإطلاق النار، مؤكدًا أن "القوات الحكومية لن تطلق النار إلا دفاعًا عن النفس".
وأصدرت الوزارة تعليمات مشددة لقوى الأمن بضرورة "ضبط السلوك العسكري ومحاسبة المتجاوزين"، إلى جانب تأمين سلامة المدنيين ومنع أي أعمال تخريب أو انتقام.
في موازاة ذلك، شنّت إسرائيل غارات جديدة استهدفت مواقع عسكرية سورية في الجنوب السوري، للمرّة الثانية خلال 48 ساعة. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس في بيان مشترك، إن "الجيش الإسرائيلي ضرب مواقع لقوات النظام السوري وأسلحة كانت متجهة إلى السويداء لاستخدامها ضد الدروز".
واعتبر البيان أن "نشر القوات السورية في الجنوب يشكل انتهاكًا لاتفاق فك الاشتباك لعام 1974، ويهدد الأمن الإسرائيلي"، مضيفًا: "إسرائيل ملتزمة بحماية أبناء الطائفة الدرزية في سوريا، انطلاقًا من تحالفها العميق مع الدروز في الداخل الإسرائيلي".
وتأتي هذه التطورات بعد معارك دامية شهدتها مدينة السويداء خلال اليومين الماضيين بين مسلحين من أبناء العشائر البدوية وآخرين من الدروز، في واحدة من أعنف المواجهات التي تشهدها المحافظة منذ الإطاحة بالرئيس بشار الأسد نهاية العام الماضي. وأسفرت الاشتباكات عن سقوط أكثر من 100 قتيل وعشرات الجرحى، ما دفع بمطالب دولية بضرورة وقف إطلاق النار وتجنب الانزلاق إلى حرب أهلية.