لا يزال الجدل قائمًا منذ أكثر من نصف قرن حول رحلة مركبة الفضاء الأميركية "أبولو 11" إلى القمر عام 1969، ولا سيما حول العبارة الشهيرة التي قالها رائد الفضاء نيل أرمسترونغ عند أول خطوة بشرية على سطح القمر: "هذه خطوة صغيرة لإنسان، لكنها قفزة عملاقة للبشرية جمعاء."
في 21 تموز 1969، قال أرمسترونغ عبارته تلك التي شكّلت لحظة تاريخية للعالم أجمع. غير أن التسجيلات الصوتية والبث المباشر حينها أظهرت أنه نطق بالجملة دون استخدام أداة التعريف "a" في اللغة الإنكليزية، ما أثار جدلًا حول الصياغة الأصلية للعبارة.
ناسا اعتمدت الرواية المتداولة في بياناتها الرسمية، إلا أن أرمسترونغ أصرّ لاحقًا على أنه قال العبارة كاملة، موضحًا أن غياب الحرف قد يكون نتيجة ضعف في جودة الصوت. وقال: "قصدت أن أقول 'هذه خطوة صغيرة لإنسان'، وليس 'للإنسان' بشكل عام".
الجدل لم يتوقف عند هذا الحد، إذ دار نقاش آخر حول ما إذا كانت العبارة مرتجلة أم مكتوبة مسبقًا. ففيما أكد أرمسترونغ أنها تكونت بشكل تدريجي خلال الاستعدادات الفنية بعد الهبوط، قال شقيقه دين أرمسترونغ في فيلم وثائقي إن الجملة صيغت قبل أشهر من الرحلة. وفي سياق متصل، أشارت تقارير إلى وجود مذكرة داخل وكالة ناسا تعود إلى العام ذاته، اقترحت استخدام عبارة مشابهة لوصف الهبوط، لكن أرمسترونغ قال إنه لا يتذكر ذلك.
وبعد الهبوط، بدأ أرمسترونغ وزميله بز ألدرين بجمع عينات من الصخور والتربة، وثبّتا كاميرا تلفزيونية، وغرسا العلم الأميركي ضمن مجال عدستها، ثم أجريا اتصالًا بالرئيس الأميركي آنذاك ريتشارد نيكسون.
روى أرمسترونغ لاحقًا بعض انطباعاته عن سطح القمر، مشيرًا إلى أن قدميه التصقتا بطبقة تشبه الفحم المسحوق، لم تغص كثيرًا تحت وزنه. وأضاف أنه تفاجأ بسهولة الحركة في بيئة الجاذبية المنخفضة، قائلًا إن المشي تطلب جهدًا أقل مما كان متوقعًا.
كما وصف مشاهدته للأرض من سطح القمر بأنها "صغيرة جدًا، ملوّنة، ومحاطة بغلاف جوي خفيف بالكاد يُرى"، مضيفًا: "مقارنةً بالأجرام السماوية الأخرى، بدت الأرض هشة وغير قادرة على الصمود أمام أي تهديد سماوي".
أما بز ألدرين، فأشار إلى أن عملية غرس العلم لم تكن سهلة، موضحًا أنهم واجهوا صعوبة في اختراق التربة القمرية، واضطروا لإمالة العمود قليلًا لتثبيته. وقد ترك الفريق على سطح القمر عددًا من الأدوات والمعدات العلمية، إلى جانب لوحة تذكارية كتب عليها: "هنا، وطأت أقدام أشخاص من كوكب الأرض القمر لأول مرة في تموز 1969. جئنا بسلام نيابة عن البشرية جمعاء."
ورغم مرور أكثر من 55 عامًا على هذا الحدث، لا يزال بعض المشككين في صحة الهبوط ينتظرون إثباتًا ماديًا من بعثة آلية أو بشرية مستقبلية تصل إلى موقع الهبوط ذاته، لتؤكد أو تنفي هذا الحدث الذي يعتبره كثيرون أحد أبرز معالم القرن العشرين.