في موقف لافت يعكس تحوّلاً في نبرة واشنطن حيال التحركات الإسرائيلية داخل سوريا، انتقد المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، والسفير لدى أنقرة، توم باراك، التدخل العسكري الإسرائيلي الأخير، معتبراً أنه "جاء في توقيت غير مناسب"، وأنه "زاد من تعقيد الجهود الرامية إلى استقرار المنطقة".
وفي مقابلة خاصة مع وكالة "أسوشيتد برس"، أكّد باراك دعم الولايات المتحدة الكامل للحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، مشدداً على أنه "لا توجد خطة بديلة سوى التعاون مع السلطات الحالية لتوحيد البلاد"، في إشارة واضحة إلى الموقف الأميركي المستجدّ من المعادلة السياسية الجديدة في دمشق.
وتأتي تصريحات باراك بعد أكثر من أسبوع على اندلاع مواجهات دامية في محافظة السويداء، أسفرت عن عشرات الضحايا، بين جماعات مسلّحة تنتمي لعشائر بدوية، وقوى محلّية درزية، تدخلت على إثرها وحدات من الجيش السوري لفرض وقف لإطلاق النار بوساطة روسية، وسط ضغوط دولية متزايدة على دمشق لضبط الأوضاع في الجنوب.
وفي خضم هذا التصعيد، نفّذت إسرائيل سلسلة غارات جوية استهدفت قوافل تابعة للقوات الحكومية في محافظة السويداء، ومقر وزارة الدفاع السورية في قلب دمشق، في خطوة وصفتها بأنها "دعماً للدروز في وجه التهديدات"، ما أثار ردود فعل متباينة، كان أبرزها موقف واشنطن على لسان باراك.
وأوضح المبعوث الأميركي أن إسرائيل لم تُطلع الإدارة الأميركية على قرار تنفيذ هذه الغارات، مضيفاً: "لم نُستشر ولم نشارك في القرار، وتوقيت التدخل الإسرائيلي خلق فصلاً جديداً من التعقيد في المشهد السوري".
وأشاد باراك بتعامل الحكومة السورية الجديدة مع الأزمة، رغم التحديات، قائلاً: "لقد تصرّفت بأفضل ما يمكن كسلطة ناشئة بموارد محدودة، لكن في المقابل، على دمشق تحمّل مسؤولية أي انتهاكات تحصل على الأرض".
وفي ما خصّ الموقف الإسرائيلي، كشف باراك أن محادثات أمنية كانت تُعقد بين تل أبيب ودمشق، برعاية غير معلنة من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قبل اندلاع المواجهات الأخيرة. ولفت إلى أن الخلاف الرئيسي كان يتمحور حول مستقبل الجنوب السوري، حيث طالبت إسرائيل بجعله منطقة منزوعة السلاح، وهو ما رفضته الحكومة السورية الجديدة، مؤكدة سيادتها الكاملة على أراضيها.
وتفتح هذه التصريحات الباب أمام تساؤلات جديدة حول مسار العلاقة بين إسرائيل وسوريا، ودور واشنطن كوسيط، وسط تزايد مؤشرات الصراع الجيوسياسي في الجنوب السوري، وارتدادات ذلك على التوازنات الإقليمية.