من جهة، اتخذت تصريحات المبعوث الأميركي توم براك منحى أكثر حدة، حيث استخدم لغة تحذيرية غير مسبوقة، ملمحًا في أكثر من مناسبة إلى احتمال فقدان السيطرة على الأوضاع في لبنان ما لم يُسلِّم حزب الله سلاحه دون شروط أو مهل زمنية.
في المقابل، صدرت تصريحات عن الجيش الإسرائيلي تؤكد أن حزب الله لا يزال قويًا، وأنه نقل جزءًا من عتاده وسلاحه إلى شمال الليطاني، فضلًا عن استمرار نشاطه في تصنيع المسيّرات. هذه المعطيات، بحسب الإسرائيليين، تشكل ذريعة لأي عدوان جديد محتمل على لبنان.
أما في الداخل، فحزب الله متمسك بموقفه الرافض رفضًا قاطعًا لمبدأ تسليم السلاح. في المقابل، يصرّ الفريق الخصم، من القوات اللبنانية إلى الكتائب وسواهم، على ضرورة حلّ هذه القضية فورًا ولو باستخدام القوة، وهو ما يرفضه رئيس الجمهورية وقائد الجيش العماد جوزيف عون، اللذان يؤكدان أن الحوار وحده هو السبيل لمعالجة هذا الملف الشائك.
في السياق نفسه، تبرز عبارة "حصرية السلاح" كترند في الخطاب السياسي اللبناني. غير أن هذه العبارة تبقى مطاطة، يستعملها الجميع وفق تفسيراته الخاصة، حتى حزب الله ومسؤولوه الذين يكررون في الإعلام أنهم مع حصرية السلاح بيد الدولة. لكن الاتفاق النظري لا يغيّر شيئًا في المشهد، لأن الألغام الحقيقية تكمن في آلية التنفيذ، وهو بند كفيل بتفجير مجلس الوزراء إذا ما طُرح رسميًا، خصوصًا في ظل وزراء محسوبين على الثنائي الشيعي يرفضون استخدام القوة، مقابل وزراء يمثلون القوات اللبنانية والكتائب يؤيدون نزع السلاح بالقوة.
أي انفجار سياسي داخل مجلس الوزراء ستكون له تداعيات أمنية واجتماعية خطيرة على الشارع اللبناني. وبين التصعيد الخارجي والانقسام الداخلي، يبدو أن الأزمة اللبنانية ما زالت مستعصية، وتحتاج إلى الكثير من الحكمة لتجنب التدهور، ولكنها أيضًا تحتاج إلى قدر من الحزم للحيلولة دون الانزلاق إلى الفوضى.