بعد الصدمة التي تلقتها إسرائيل جراء هجوم حركة حماس في 7 تشرين الأول، تخضع وكالة المخابرات العسكرية الإسرائيلية لعملية مراجعة شاملة تتضمن تغييرات جوهرية في بنيتها وأساليب عملها.
وبحسب تقرير لوكالة "بلومبيرغ"، تشمل الخطة إعادة إحياء برنامج لتشجيع طلاب المدارس الثانوية على تعلم اللغة العربية، وتدريب جميع الجنود على إتقانها، إلى جانب بناء فريق من الجواسيس والمحللين المتخصصين في اللهجات العربية المختلفة، مع فهم معمق للخطاب الديني والعقائد التي تعتمدها الجماعات المسلحة.
ويأتي هذا التوجه في ظل إقرار ضباط في المخابرات بوجود "سوء فهم جوهري" لأيديولوجية حماس وخططها، رغم أن الوكالة كانت على علم بمحاولات الحركة السيطرة على قواعد عسكرية ومجتمعات مدنية قرب غزة، ورصدت تدريباتها الميدانية العلنية، لكنها اعتبرتها حينها مجرد "أوهام".
ويقول مايكل ميلشتاين، رئيس دراسات الفلسطينيين في مركز دايان بجامعة تل أبيب، إنه "لو تمكن المزيد من الإسرائيليين من قراءة صحف حماس والاستماع إلى إذاعتها، لأدركوا أن الحركة لم تكن في حالة انكفاء بل تسعى للجهاد".
التحول الجديد، الذي وصفه أحد ضباط المخابرات بأنه "تغيير ثقافي عميق"، يستهدف بناء ثقافة داخلية "تفكر وتتنفس مثل العدو"، بعد سنوات من الاعتماد على الترجمات حتى بين كبار الضباط.
وتبتعد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تدريجيًا عن التركيز المفرط على التكنولوجيا وأدوات المراقبة عن بعد، مثل الأقمار الصناعية والطائرات المسيّرة، لصالح تعزيز جمع المعلومات البشرية، وزرع العملاء السريين في الميدان، وتطوير وحدات التحقيقات. ويأتي ذلك بالتوازي مع زيادة الانتشار البشري على الأرض بدلًا من الاكتفاء بالسياج الحدودي وأجهزة الاستشعار.
ويرى أوفر جوتيرمان، ضابط سابق في المخابرات وعضو معهد بحوث منهجية الاستخبارات، أن هذه الاستراتيجية تتطلب كوادر "مدركة لمجالات متعددة" ومؤهلة لفهم السياقات الثقافية والتاريخية والسياسية في المنطقة. ويضيف أن إسرائيل برعت في "كشف الأسرار" مثل استهداف قادة حزب الله، لكنها فقدت القدرة على "حل الألغاز" المرتبطة بما يخطط له الخصوم، وهو ما يستدعي استثمارًا أعمق في الدراسات الإنسانية والأدب والتاريخ والثقافة.