"ليبانون ديبايت" - باسمة عطوي
لم يصل قانون إصلاح المصارف الذي أقره مجلس النواب يوم الخميس إلى خواتيمه السعيدة، بالرغم من موافقة 57 نائباً عليه، مُقابل تصويت 7 نواب ضدّه، و14 نائباً إمتنعوا عن التصويت. فطريق العقبات التي تمنع تحويله إلى قانون قابل للتنفيذ عديدة، أولها إرتباطه بقانون إسترداد الودائع والانتظام المالي (الفجوة المالية) الذي على الحكومة وضعه، تمهيدا لإحالته إلى مجلس النواب لدرسه وإقراره، وثانيها ملاحظات صندوق النقد الدولي على القانون التي بلغت 22 ملاحظة، مما يعني أنه قد لا يوافق على توقيع إتفاق مع لبنان في حال لم تنفذ هذه الملاحظات على غرار ما حصل مع قانون السرية المصرفية، وثالثها تلويح كتلة نيابية للطعن فيه أمام المجلس الدستوري.
إذا وُلد قانون إصلاح المصارف يتيما بالرغم من خروجه من رحم لجنة المال والموازنة التي أشبعته درسا، فحتى النواب الذين صوّتوا لصالحه يقرّون أنه غير مُكتمل الأوصاف، في ظل غياب قانون "الإنتظام المالي" وإسترداد الودائع (الفجوة المالية)، لكن الجميع أرادوه "رسالة إصلاحية " للمجتمع الدولي (على حد تعبير وزير المال ياسين جابر). فهل يقبل بهذه الرسالة؟
"ليبانون ديبايت"حاولت تحديد إيجابيات وثغرات القانون، مع نواب شاركوا في صياغته وحضروا الجلسة وصوتوا عليه، فأتت المقاربات من زوايا مختلفة، ما يعني أن القانون سيكون مادة جدلية في البلد بالرغم من إقراره.
عون : قسما كبيرا من ملاحظات صندوق النقد الجوهرية أخذت بعين الإعتبار
يعتبر النائب آلان عون ل"ليبانون ديبايت" أن "القانون الذي أُقر هو ممر إجباري لمعالجة أوضاع المصارف وإصلاحها، والخلل الاساسي الذي يعتريه هو إرتباطه بقانون الفجوة المالية. إذ لا يمكن تنفيذ هيكلة القطاع المصرفي من دون معرفة كيف سيتم توزيع الخسائر والمسؤوليات"،لافتا إلى أنه "كان يمكن للقانونين أن يتزامنوا سويا، لكن قانون الفجوة المالية لم يوضع بعد وفي الوقت نفسه هناك إصرار من قبل المجتمع الدولي، بأن على لبنان إعطاء إشارة جدية بنيته بتنفيذ الإصلاحات وهذا ما أدى هذا اللغط الذي حصل".
يضيف:"اما القانون بتفاصيله، فالمآخذ والهواجس حوله مرتبطة بأن اللبنانيين والمودعين على وجه الخصوص، يحتاجون لمعرفة عمليا ما هو مصير الودائع وتوزيع المسؤوليات والخسائر، وهذا أمر لا يتوضح إلا في قانون إسترداد الودائع والإنتظام المالي (الفجوة المالية)"، مشددا على أن "قسما كبيرا من ملاحظات صندوق النقد الجوهرية أخذت بعين الإعتبار، وفي حال تبين أن هناك حاجة الى تعديل في التعبير عن تفاصيل غير جوهرية، يمكن لوزارة المال أن تتقدم بإقتراح قانون لتعديل بسيط فيها".
ويختم:"شخصيا لا أعتقد أن هناك تعديلات جوهرية يمكن أن تُضاف، لأن صندوق النقد واكب القانون بأكثر من محطة".
عبد الله: لا يجوز الحكم على أداء الهيئة المصرفية وفقا لممارسات رياض سلامة
يرى عضو اللقاء الديمقراطي بلال عبد الله أن "القانون أُشبع نقاشا ودرسا"، شارحا ل"ليبانون ديبايت"أن "السلبية الوحيدة التي تعتريه هو تعليق العمل فيه لحين إقرار قانون الإنتظام المالي. لكن القانون درس بشكل مُفصل من قبل اللجنة الفرعية ثم لجنة المال، بالتنسيق مع وزير المال وحاكم مصرف لبنان ولذلك هو شبه متكامل"، لافتا إلى أنه "في حال تم إقرار قانون الإنتظام المالي الذي مهمته الأساسية الحفاظ على الودائع، عندها يمكن أن نقول أن هذا القانون قادر أن يعيد الحياة للقطاع المصرفي، من خلال التمييز بين مصارف قادرة على تأمين ملاءة مالية ليتمكن من الإستمرار في السوق، ومن لا يستطيع وهذه هي مهمة الهيئة المصرفية العليا (بغرفتيها)".
يعتبر عبدالله أنه "لا يجوز الحكم على أداء الهيئة المصرفية العليا في المرحلة المقبلة، وفقا لممارسات الحاكم السابق رياض سلامة. فالحاكم كريم سعيد مُشارك في الهيئة ضمن فريق مختص وسيعملون ضمن إطار قانون النقد والتسليف، وهم المسؤولين عن السياسة النقدية في البلد حتى إشعار آخر، لذلك لا يجب أن نكون أسرى فوبيا رياض سلامة، هناك قواعد تقنية مُسلم بها عالميا ولا نخترع شيئا جديدا".
منيمنة: تركّز السلطة بيد مصرف لبنان يخلق علامات إستفهام حول حياد الهيئة المصرفية
على ضفة النواب المعترضين، يصف النائب إبراهيم منيمنة ل"ليبانون ديبايت"، أن "القانون نقطة إنطلاق جيدة لكنه لا يستوفي الشروط المطلوبة خصوصا إذا أردنا توقيع إتفاق مع صندوق النقد. فكرة أن تضم الهيئة المصرفية العليا غرفتان لتقييم أوضاع المصارف أمر غير مفهوم، وكذلك إستبعاد رئيس هيئة الرقابة على المصارف مشاركة في الغرفة الثانية للهيئة، بالاضافة إلى الاصرار على وجود نائب الحاكم الاول فيها من دون سبب"، مشددا على أنه "الافضل هو وجود خبراء لتأمين إستقلالية للهيئة. فتجربة مصرف لبنان مع الأزمة والصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها الحاكم تحتاج إلى مراجعة لم يقم بها أي طرف، وكأن الازمة المالية التي حصلت هي نتيجة ممارسات الحاكم السابق سلامة، وليس بسبب تركز الصلاحيات في يد شخص واحد".
يضيف:"اليوم لم نستطع معالجة الأزمة لأننا لم نقيّم ونُراجع الأسباب التي أدت إليها. وتركّز السلطة بيد مصرف لبنان يعيد خلق علامات إستفهام حول الهيئة المصرفية العليا، وقدرتها على أن تكون موضوعية ومحايدة"، لافتا إلى أن "وجود مؤسسة ضمان الودائع ضمن الغرفة الثانية في الهيئة المصرفية العليا، عليه علامة إستفهام أيضا كون جمعية المصارف لها نفوذ فيها، علما أننا تمكنا من تحييدإقتراح الهيئات الاقتصادية بتسمية ممثلين لهم في الغرفة وهذا أمر إيجابي، وهناك تفاصيل تقنية عديدة تؤثر على قدرة هذا القانون بأن يكون على سكة التنفيذ".
في ما يتعلق بملاحظات صندوق النقد، يقول منيمنة أن "وزير المالية حاول الدفع بإتجاه بعض الملاحظات خلال الجلسة، وكان من الأفضل تأجيل إقرار القانون أسبوعا أو أكثر للأخذ بهذه الملاحظات بعين الإعتبار كي تكون سببا في تأخير توقيع إتفاق مع الصندوق"، معبرا عن إعتقاده بأن "التسريع في إقرار القانون هدفه تجاوز هذه الملاحظات، ونشعر أن هناك محاولات إلتفاف عليها كما حصل في قانون السرية المصرفية، علما أن القانون معلق ريثما يُقر قانون الفجوة المالية، مما يفتح الباب أمام إعادة النظر فيه في ضوء قانون الفجوة المالية الذي يتم التحضير له".
البستاني : أتوقع أن يُطعن في القانون أمام المجلس الدستوري
يشير رئيس لجنة الاقتصاد النيابية النائب فريد البستاني ل"ليبانون ديبايت" أنه "إمتنع عن التصويت لأنه لا يمكن إعادة الإنتظام إلى العمل المصرفي من دون حل مشكلة الودائع، وهذا الأمر لم يتم إلى الآن ولذلك يرى أن قانون إصلاح المصارف يجب أن يكون في المرحلة الثانية".
يضيف:"شخصيا أطالب الحكومة بوضع قانون الفجوة المالية أو الانتظام المالي منذ 4 اشهر، وقدمت مشروع قانون إلى مجلس النواب بهذا الخصوص ولم يؤخذ به بسبب المماطلة، وهناك عدة مواعيد لوضعه، وزير المال ياسين جابر يقول أنه سيكون جاهزا في نهاية تشرين أول المقبل، والحاكم المركزي قال أنه في نهاية العام، والرئيس نواف سلام أعلن خلال الجلسة أن القانون سيجهز في آخر أيلول، ولذلك أعتقد أن قانون إصلاح المصارف وقانون الفجوة المالية يجب أن يُطرحا سويا"، لافتا إلى أن "التفاصيل التي أثيرت حول الهيئة المصرفية العليا غير مهمة ، لأننا نحكم على الحاكمية الحالية وكأن رياض سلامة لا يزال موجودا وهذا غير صحيح. من الإنصاف إعطاء فرصة للحاكم الجديد والنواب، والنقاش الذي حصل في مجلس النواب حول الهيئة غير ضروري، لأنه تم تعليق ملف الودائع بقانون الفجوة المالية وأكدنا اننا مع حقوق المودعين و شخصيا يعتبر أن هناك توزيع مسؤوليات وليس خسائر في مصرف لبنان" .
ويختم:"أتوقع أن يُطعن في القانون أمام المجلس الدستوري وهناك أطراف سياسية تتحضر لذلك، أما ملاحظات صندوق النقد، فدرستها اللجنة وأخذت ببعضها وتبنتها وبعضها الآخر لم يؤخذ به، ولا يجب أن يُملي علينا أي طرف شروطه بل علينا أن نعمل وفقا لما يتناسب مع مصلحتنا الوطنية".