يُذكر الباحث الاقتصادي الدكتور محمود جباعي، في حديث إلى "ليبانون ديبايت"، أن مجموعة "فاتف" أعطت مهلة مالية للبنان تمتد لشهر واحد في عام 2026، بهدف القيام بإصلاحات محددة تُخرج لبنان من الأزمة المالية والديون المتراكمة.
كما يُشير إلى أن "فاتف" كانت قد أعدّت تقريرًا في وقت سابق، أوضحت فيه أن مصرف لبنان والمصارف اللبنانية ملتزمون بنسبة كبيرة بالقرارات الدولية ذات الصلة، وقد قام المصرف المركزي بجهد كبير، سواء عبر التعميم 165، أو من خلال وضع قواعد شفافة مالية ونقدية، انعكست على ميزانيات المصارف وطريقة تعاطيها مع السوق المحلي والمجتمع الدولي.
وبالتالي، يلفت الدكتور جباعي إلى أن مجموعة "فاتف" حدّدت في حينها أن هناك مشاكل لا تزال قائمة، يجب معالجتها في مجالات القضاء، مكافحة الفساد، طبيعة الأموال، مكافحة التهرب الضريبي، بالإضافة إلى ضرورة إصدار قوانين إصلاحية.
هذه القوانين الإصلاحية بدأت الدولة اللبنانية بالعمل عليها، ويقول الدكتور جباعي في هذا الصدد: "رأينا معالجة بعض الملفات، مثل السرية المصرفية، وانتظام عمل المصارف. كما يجري حاليًا العمل على موضوع الفجوة المالية وتحديد المسؤوليات". ولفت إلى أن وزير العدل شكّل لجنة قانونية لدراسة كيفية اتخاذ قرارات تحدّ من الفساد وتهريب الأموال.
ويرى أن هناك محاولات جادة من الحكومة اللبنانية، وهذا يعطي مؤشرات إيجابية لمجموعة "فاتف" بأن لبنان بدأ يعمل على الإصلاح. لكن المهلة محددة لشهر كانون الثاني المقبل، وبالتالي يجب استكمال القوانين الإصلاحية بأسرع وقت ممكن، حتى لا نصل إلى اللائحة السوداء، لأن إدراج لبنان عليها سيكون أمرًا سلبيًا جدًا.
ويتصوّر أن لبنان، بالتعاون بين مصرف لبنان، والدولة اللبنانية، ووزارة المالية، وجميع الوزارات، قادر على اتخاذ إجراءات محددة تؤدي إما إلى منحه مهلة إضافية لتحسين الأداء، أو إخراجه من اللائحة الرمادية. والأهم ألا نُدرج على اللائحة السوداء.
ويرجّح أن هذه الفرصة لا تزال متاحة أمام لبنان، ويقول: "لا ننسى أن الاستقرار السياسي والتوافق السياسي يساعدان في تخفيف الضغوط على لبنان في المرحلة المقبلة، فهناك ضغط كبير على البلد حاليًا، والمطلوب هو تحقيق إصلاح مالي واقتصادي، وهو أصلاً مطلب شعبي لبناني".
ويشدد على ضرورة أن يكون هناك اتفاق سياسي وتفاهم بين القوى السياسية، لتجنّب الوقوع في أزمة إضافية ووضع أنفسنا في موقف يصعّب الحلول.
ولا ينفي أن الحكومة اللبنانية تبذل جهودًا كبيرة في ظل العهد الجديد ومع رئيس الجمهورية، وهناك ورشة عمل قائمة في مختلف القطاعات، ومحاولات جدية تسير بالتوازي.
وتمنى أن تتم هذه الإصلاحات بشكل سريع، وأن يكون هناك التزام بالشفافية في جميع الملفات، سواء ملف الإنترنت، أو الاتصالات، أو الكهرباء، أو القوانين المالية الإصلاحية، أو الأمور المتعلقة بالضرائب والإيرادات. ويعتبر أنه كلما أسرعنا في هذه الخطوات، كلما زادت فرصنا للخروج من الأزمة الحالية، ومن الخطر المحيط بلبنان.
وإذ يلفت إلى أن الحكومة تعمل اليوم، ولكن النجاح يتطلب مساعدة إضافية من مجلس النواب وجميع القوى السياسية، يشدد على أنه يجب أن يكون هناك وفاق سياسي ينعكس بشكل مباشر على الاقتصاد والمالية في البلاد، حتى نتمكن من تجاوز أي تبعات سلبية للأزمة الاقتصادية، والتي قد تؤذي الشعب اللبناني أكثر فأكثر.
ويخلص جباعي، إلى أن لبنان اليوم ينتظر الخروج من الأزمات، ونحن لسنا بحاجة إلى "دعسة ناقصة"، بل إلى "دعسة إلى الأمام"، متمنيًا الوصول إلى صيغة إنقاذية وطنية شاملة.