يعتبر الكاتب والمحلل السياسي نضال السبع، في حديث إلى "ليبانون ديبايت"، أن المعلومات المتعلّقة بعدم التجديد لـ"اليونيفيل" خطيرة، وتشكل، برأيه، مقدّمة لاجتياح في الجنوب، خاصة أنّه قبل حوالي أسبوع وصلت مجموعة من المتطرفين الدينيين إلى جنوب لبنان. ويرى أنّ في الأمر شيئًا غير طبيعي، لذلك لا يتردد في التعبير عن مخاوفه.
زيارة بأبعاد ثلاث
أما بالنسبة إلى زيارة الموفد الأميركي توم باراك إلى لبنان برفقة مورغان أورتاغوس، فهي، برأيه، تحمل أكثر من بُعد:
1. إعادة الاعتبار لأورتاغوس:
يأتي توم باراك ليعيد الاعتبار إلى مورغان أورتاغوس، ويؤكد أنّها استلمت الملف من جديد، خاصة وأنّ قرار عودتها لاستلام الملف صدر قبل حوالي شهر. وبالتالي، سيكون لها دور متقدّم في المرحلة المقبلة، إذ ستتسلّم الملف بالكامل.
2. إحراج الدولة اللبنانية:
هو يقوم بإحراج الدولة اللبنانية وإجراءاتها، خصوصًا أننا على بُعد أسبوعين تقريبًا من تقديم الجيش خطته للسير بها. وهو يؤكد لقيادة الجيش ورئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب أنّ هناك التزامًا أميركيًا بتنفيذ موضوع سحب السلاح.
3. ملف "القرض الحسن":
وفق تقديره، سيثار موضوع "القرض الحسن"، لأنّ هناك مطالبة أميركية بسحب الترخيص منه.
ولا يستبعد أن يكون موضوع "القرض الحسن" الشرارة التي تشعل الفتيل، إلى جانب موضوع السلاح، إذ إنّ كل الإجراءات المتعلقة بسحب السلاح تواجه مطالب حزب الله بضمانات، فيما الجانب الأميركي يرفض حتى الآن تقديم أيّ ضمانات له. حزب الله يقول: "في حال سلّمنا السلاح، من يضمن أن الإسرائيلي لا يقوم في اليوم التالي بعدوان على البلد؟"
خيارات صعبة
يشير السبع إلى هواجس حزب الله، ويأخذ مثالًا حيًّا مما يحصل في سوريا: "رغم الرسائل الإيجابية التي قدّمها أحمد الشرع، فإنّ الإسرائيليين تمركزوا على بُعد عشرة كيلومترات فقط من دمشق. فما الذي يضمن ألّا يقوم الإسرائيلي بعملية عسكرية في جنوب لبنان؟ وما الذي يضمن ألّا يقيم مستوطنات؟".
ويعتبر أننا أمام عقدة، فالدولة عليها التزامات كبيرة تجاه الخارج، والخارج أيضًا يمارس ضغوطًا ولديه مطالب، وفي المقابل، حزب الله يتمسك بسلاحه.
ويقول: "نحن الآن في قلب الأزمة. برأيي، إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإنّ البلد متجه نحو الانفجار. لنفترض السيناريو التالي: إذا وصلنا إلى نهاية الشهر، والدولة أعطت الموافقة للجيش وبدأ الجيش بتنفيذ الإجراءات ومداهمة بعض المقار، وفي حال رفض حزب الله، سنكون أمام احتمالين:
• إما أن نذهب إلى صدام داخلي، صدام بين الجيش وحزب الله.
• وإما أن يقول الجيش: "أنا غير معني بمعركة داخلية"، وبالتالي يُفتح الباب أمام الإسرائيلي للقيام بعملية.
بالتالي، نحن أمام خيارات صعبة للغاية."
الدور السعودي
وفي ما يتعلق بالدور السعودي في الأزمة الداخلية، يؤكد السبع أن هناك توافقًا أميركيًا–سعوديًا كبيرًا، وتنسيقًا على أعلى مستوى، وتطابقًا في الرؤى حيال النظر إلى لبنان، وبالأخص فيما يتعلق بحزب الله.
ويوضح أن هناك قرارًا سعوديًا بالعودة إلى روحية "اتفاق الطائف"، باعتبار أنّ الاتفاق ينص على سحب السلاح وحصرية امتلاك الدولة اللبنانية للقرار السيادي. وبالتالي، هناك دفع سعودي في اتجاه تنفيذ هذه الالتزامات.
ولا يستبعد زيارة قريبة لوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في هذا السياق.
خطوة مقابل خطوة
ويتناول السبع موقف لبنان الرسمي، فيلفت إلى وجهة نظر رئيس الجمهورية التي تقول إنّ الاتفاق هو اتفاق "خطوة مقابل خطوة". وفي حال لم يلتزم الإسرائيلي، فنحن أيضًا لن نلتزم.
ويسأل: "لكن إلى أيّ مدى سيلتزم الإسرائيلي بهذا الاتفاق؟ لا أحد يستطيع أن يضمن. نحن نقول: منذ 27 تشرين الثاني، الإسرائيلي لم يلتزم بأيّ شيء، بل على العكس، الخروقات الخمسة أصبحت سبعة، في مناطق جديدة سيطر عليها الإسرائيلي في جنوب لبنان. فلا ضمانات اليوم مع الإسرائيلي، خاصة وأنّ نتنياهو نفسه تحدّث عن "إسرائيل الكبرى"، وعن طموح إسرائيلي يطال ضمّ كل لبنان، وأجزاء كبيرة من سوريا والعراق، ومناطق من الأردن والسعودية."
من هنا يأتي قرار ولي العهد الأردني بإعادة العمل بالتجنيد الإجباري، وهذا دليل على أنّ الأردن يستشعر خطورة هذه التصريحات الإسرائيلية. كما بات واضحًا أنّ الإسرائيلي لا نية لديه لوقف إطلاق النار في غزة، بل يستغل أحداث 7 تشرين الأول لتمرير برنامج أمني وعسكري وسياسي في المنطقة.
جرس إنذار
ويعود إلى موضوع عدم التجديد لـ"اليونيفيل"، فيحسم أن هذا الأمر خطير جدًا.
أولًا، قوات "اليونيفيل" موجودة بقرار دولي، وحين تذهب الأمور باتجاه سحبها، فهذا يعني أنه لن يكون هناك أي رادع أمام الاعتداءات الإسرائيلية. بالتالي، سحب قوات "اليونيفيل" يُعدّ بمثابة جرس إنذار للبنانيين، بأنّ لبنان أصبح مكشوفًا بالكامل.
اليوم، لم يعد هناك أيّ غطاء للبنان سوى الغطاء الأميركي الذي تحدّث عنه رئيس الجمهورية. ولكن، في حال لم يكن هناك تجاوب من لبنان، فقد تذهب إدارة الرئيس بايدن إلى سحب "اليونيفيل"، وترك البلد مكشوفًا أمام أي تطورات ميدانية.
فترة صعبة
الأمور غير مستقرة على مختلف الأصعدة: من انتخاب رئيس للجمهورية، إلى تشكيل حكومة، إلى انتظام عمل المؤسسات. لم نرَ حتى الساعة أي حديث عن دعم سعودي للبنان، وكأنّ البلد متروك.
وبرأيه، من نهاية هذا الشهر وحتى رأس السنة، سنمرّ بفترة قد تكون صعبة. هذه الفترة ستكون فترة ضغوط، لكنها تنتهي مع حلول عيد الميلاد ورأس السنة. بعد ذلك، سندخل، بشكل شبه مؤكد، في المجهول.
هذه المرحلة، كما بلغني، ستكون فترة ضغوط مرتبطة بموضوع سحب السلاح، وستستمر من أيلول حتى رأس السنة. وإذا فشلت الدولة في معالجة هذا الأمر، فكل الاحتمالات ستكون مفتوحة.