"ليبانون ديبايت"
يكثر الحديث عن لوائح متداولة في الأوساط المصرفية عن شخصيات عامة وتنظيمات وهيئات ومؤسسات حزبية ودينية، قامت بتحويل ملايين الدولارات إلى مصارف أجنبية بعد الإنهيار المصرفي في العام 2019، إنما من دون أن تخرج هذه اللوائح إلى العلن بل يتمّ التهامس بها والتلويح بكشفها مع تقدم التحقيقات القضائية بهذه التحويلات، في ظل سقوط السرية المصرفية وبعدما صدر قرار قضائي بإلزام الذين قاموا بهذه التحويلات بإيداع المصارف مبالغ توازيها وبالعملة نفسها التي تمّ التحويل بها.
لكن الرهان على هذه الخطوة من أجل ضخّ السيولة في القطاع المصرفي وطمأنة المستثمرين والمؤسسات الدولية بأن لبنان عاد إلى مرحلة ما قبل انهيار 2019 من حيث واقعه المالي والمصرفي، قد يكون في غير مكانه، لأن القرار لا يعني إلزامية التنفيذ، ولا يعني أن كل الأموال الضائعة والتي تتكون منها ودائع اللبنانيين ستعود.
وفي هذا المجال يقول مدير المعهد المالي لدراسات السوق الدكتور باتريك مارديني ل"ليبانون ديبايت"، إن الهدر الكبير للموارد المالية وبالتالي للودائع، والذي حصل في معظم الوزارات، "يمثل الشقّ الأكبر من الأزمة المالية وليس الأموال التي تمّ تحويلها".
ويشدد الدكتور مارديني على أن "التلطي وراء الأموال المحوّلة والتي من الضروري إعادتها، لا يعفي الدولة اللبنانية من مسؤوليتها عن الشقّ الأكبر من أزمة ودائع اللبنانيين، وهي الأموال التي هُدرت في الوزارات والتي من الضروري تركيز الاضواء عليها، بعدما قام السياسيون بتحميل المصارف المسؤولية عن الأزمة كاملةً، من أجل تبرئة الفساد الذي كان سائداً عند بعض السياسيين الذين تسلّموا وزارات قبل وبعد العام 2019 ورفع المسؤولية عنهم في أزمة الإنهيار وضياع الودائع."
ورداً على سؤال حول شرعية التحويلات المالية بعد العام 2019، فيؤكد مارديني أن عدم صدور قانون الكابيتال كونترول يعني أن التحويلات غير مخالفة للقانون، ما يطرح نقاشاً حول "الشرعية" التي سيستند إليها القاضي ماهر شعيتو في قراره الأخير حول وجوب إعادة المبالغ المحوّلة إلى الخارج.
وفي هذا المجال يحرص مارديني على التمييز بين استرداد الأموال وبين تحديد حجمها، حيث يرى أنه "يحقّ للقاضي شعيتو أن يطلب رفع السرية المصرفية بشكل كامل عن كل العمليات والتحويلات التي حصلت إلى الخارج، خصوصاً وأن تعديل قانون السرية المصرفية بات يسمح بهذا الأمر".
وعليه، يستنتج مارديني أنه "على المصارف أن تصرّح عن كل الأموال التي قامت بتحويلها إلى الخارج وتقع عليها مسؤولية الكشف عن الجهات التي تمت هذه التحويلات لصالحها، طالما أن القانون يسمح برفع السرية المصرفية عن هذه العمليات".
وأمّا بالنسبة للقدرة على ردّ الأموال المحوّلة بفعل القرار القضائي الصادر عن القاضي ماهر شعيتو، فيعتبر مارديني أن "الأساس هو في الخطوة الأولى وهو الكشف عن الأموال المحوّلة على أن تكون الخطوة الثانية اللاحقة في اتخاذ الخطوات التي تؤدي إلى ردّها وفق الأطر القانونية، ذلك أن تحديد هذه الأموال، هو على القدر ذاته من أهمية استردادها، لأنه من الضروري معرفة حجم التحويلات قبل البحث في الوسائل الكفيلة لاسترجاعها."