لا تُخفي مصادر مقرّبة من حزب الله في حديث مع "ليبانون ديبايت" أن اللقاءات التي أجراها الوفد الأميركي مع المسؤولين اللبنانيين لم تكن مريحة للبنانيين، لأنها شهدت أعلى مستويات العنجهية الأميركية والتعاطي الفوقي وبأسلوب إملائي بحت.
وبدت هذه الزيارة أشبه بجولة تفقدية للرعية الخاصة بهم، حيث سألوا مسؤوليهم عن "إنجازاتهم" في الداخل، وأبلغوهم بالتعليمات التي يُتوقع تنفيذها في المرحلة المقبلة.
الدور البارز لغراهام
واللافت في الزيارة، ما تكشفه المصادر عن أن المتحدث الرئيسي في كافة اللقاءات مع المسؤولين، ولا سيّما في قصر بعبدا وعين التينة، لم يكن الموفد الأميركي توماس باراك، بل السيناتور الأميركي المتشدد ليندسي غراهام، المنحاز كليًا إلى إسرائيل.
فهو من أبلغ المسؤولين اللبنانيين بما هو "مطلوب منهم"، وبلهجة حادة وبعيدة تمامًا عن الأعراف الدبلوماسية. وفي اللقاءين، كان غراهام المتحدث الأساسي، فيما التزم كل من باراك ومورغن أورتاغوس الصمت، "ربما خوفًا من زلة لسان"، وفق ما ترى المصادر.
وتُشير المصادر إلى أن الكلام الذي قاله غراهام أمام الإعلام هو نفسه الذي ردّده داخل الجلسات المغلقة في بعبدا وعين التينة. فقد اعتبر أن قرارات الحكومة جدية، وأنها مسؤولة اليوم عن نزع السلاح، مدّعيًا أن هذا المطلب "هو مطلب الشعب اللبناني". ووفق قوله، عند نزع السلاح يمكن عندها فقط مطالبة إسرائيل بخطوة ما.
تدخل سافر بالسيادة
وتجلّت الوقاحة الأميركية، وفق المصادر، بما طلبه الوفد، وتحديدًا غراهام، حين قال: "الخطة التي يُعدّها الجيش اللبناني لتوافق عليها الحكومة، يجب أن تُرسل إلينا أولًا لنوافق نحن عليها ونصادق عليها"،
ما يُؤكد - بحسب المصادر - أن الأميركيين لا يقيمون أي وزن للسيادة التي يتبجّح بها "السياديون الطارئون".
بري يواجه المشروع الأميركي
أما النقطة الأبرز في لقاء عين التينة، كما توضح المصادر، فكانت في تأكيد الرئيس نبيه بري على عودة النازحين إلى قراهم، لا سيّما بعد أن استشعر الخطر من المشروع الذي طرحه الوفد الأميركي، وهو أمر مستجد على الأجندة الأميركية، ويقوم على إقامة منطقة صناعية في الجنوب.
ولم يفُت بري، بحسب المصادر، أن يُذكّر الوفد ببند هام في اتفاق وقف إطلاق النار، كان قد أثاره سابقًا مع باراك خلال زيارة سابقة، ويتعلق بـعودة النازحين إلى القرى الحدودية. حينها ادّعى باراك أنه لم يطّلع على هذا البند، فاستحضر بري الوثيقة وأشار إليه، مشدّدًا على أن الإدارة الأميركية التزمت بهذا البند وعليها تنفيذه، بعيدًا عن أي مشروع مطروح.
لكن، كما تلاحظ المصادر، فإن الوفد الأميركي تجاهل تمامًا ما قيل في هذا السياق.
"منّة" أميركية ومشروع تهجيري
بل أكثر من ذلك، فقد "منّ" الأميركيون على اللبنانيين بأنهم ساعدوهم، وأن عليهم الآن الاستمرار في الالتزامات، حتى يتمكن الأميركي بدوره من "طمأنة الإسرائيلي".
أما عن حيثيات المشروع الطارئ، أو ما سُمّي بـالمنطقة "الترامبية"، فتوضح المصادر أن الطرح الجديد يوحي بأنه يهدف إلى تهجير الجنوبيين من قراهم، مقابل دفع تعويضات لهم، على أن تتحوّل تلك القرى إلى مناطق صناعية يأتي إليها العمّال نهارًا، ويعودون إلى مناطق سكنهم البعيدة ليلًا.
تنسيق مستمر بين الحزب وعين التينة
وتختم المصادر بالتأكيد على أن التنسيق مع عين التينة مستمر قبل اللقاءات وبعدها، وفي كافة الأوقات والظروف. كما أن الخطوط العامة متفق عليها، وما يتقدّم به الرئيس بري من مطالب، هي نفسها مطالب حزب الله، لناحية:الانسحاب الإسرائيلي،وقف العدوان،عودة الأسرى،ضمان إعادة الإعمار.