الزراعة… شريان حياة
تشتهر عيترون بهويتها الزراعية، إذ اعتاد أهلها منذ عقود على زراعة التبغ والحبوب، ومنها كانوا يموّلون حياتهم اليومية ويعلّمون أبناءهم. يقول أحد المزارعين لـ"ليبانون ديبايت": "الدخان هو ذهب الفلاح الجنوبي، به نأكل وبه نعلّم أولادنا… واليوم لم يبقَ لنا منه إلا القليل."
وفي بيان، ناشدت البلدية القرى المجاورة – عيناتا، شقرا، برعشيت، كونين وبنت جبيل – التعاون والتعاضد عبر وضع أراضٍ زراعية بتصرّف أهالي عيترون، إمّا بعقود ضمان أو حتى كهبات للمساهمة، خصوصًا أنّ موسم تحضير الأراضي يبدأ في هذه الفترة.
شهادة من الميدان
أم محمد، سيدة خمسينية من أبناء البلدة، تروي وجعها لـ"ليبانون ديبايت": "تهجّرنا سنتين وتركنا كل شي ورانا… البيت تدمر والأرض راحت. اليوم رجعنا عضيعتنا، بس وين الأرض اللي كنا نزرع فيها؟ نصها ممنوع نوصل عليه، واللي ضل ما بكفينا. زرعنا الدخان عمرنا كله، منّو ربّينا أولادنا وعلّمناهم، وهلق مش قادرين نلاقي متر أرض نزرعو. إذا ما لاقينا أراضي بديلة، كيف بدنا نعيش؟"
قصة أم محمد ليست فردية، بل تختصر معاناة عشرات العائلات التي خسرت مصدر رزقها الوحيد.
الدولة والبلديات أمام المسؤولية
البيان البلدي شدّد على أنّ المطلب الأساس يبقى تحرير الأرض، وهو برسم الدولة اللبنانية. لكن، وإلى أن يتحقق ذلك، تبقى القرى المحيطة والمؤسسات الرسمية مدعوّة إلى دعم المبادرات المحلية وتأمين البدائل للمزارعين، كي لا يواجهوا شبح البطالة والفقر.
الدفاع المدني والبلديات الجوارية مطالبون بتأمين الأراضي القابلة للزراعة وتهيئتها، فيما تقع على الدولة مسؤولية أوسع عبر توفير الدعم المالي والتقني للأهالي العائدين.
اليوم، عيترون ليست مجرد بلدة منكوبة عادت من التهجير، بل تختصر صورة الجنوب اللبناني بأكمله: أهل صمدوا في وجه الحرب، ويواجهون الآن معركة أخرى عنوانها "البقاء في الأرض". وبينما الاحتلال يضيّق على أرزاقهم، تبقى المبادرات المحلية والتضامن الأهلي السبيل الوحيد لتخفيف المعاناة… في انتظار أن تتحرّك الدولة وتستعيد الأرض لتعود كما كانت: أرض تبغ وخبز وكرامة.