تتصاعد المنافسة العالمية في مجال تطوير الأسلحة فرط الصوتية، التي تُعتبر من أكثر التقنيات العسكرية تقدماً في العصر الحديث، نظراً لامتلاكها سرعة هائلة وقدرة على المناورة تجعل اعتراضها أمراً بالغ الصعوبة.
وفي هذا السياق، أعلنت إيران خلال السنوات الأخيرة عن نجاحها في إجراء تجارب على صواريخ جديدة من هذا الطراز، في وقت تواصل فيه كل من الولايات المتحدة وإسرائيل العمل على برامج مشابهة. هذا الواقع يثير تساؤلات حول موقع طهران في سباق التسلح التكنولوجي والعسكري.
وبحسب تقرير للباحث الأميركي وخبير الأمن القومي براندون وايكيرت نشرته مجلة ناشونال إنتريست، فإن واشنطن وتل أبيب تعملان على تطوير أسلحة ليزر عالية القدرة لاعتراض الصواريخ، غير أن هذه الأنظمة ما زالت بعيدة عن الجهوزية، بينما باتت إيران تملك بالفعل صواريخ فرط صوتية قادرة على تغيير موازين القوى.
وفي عالم يزداد اضطراباً، لا يكاد نزاع ينتهي حتى يبدأ آخر. ففي حزيران الماضي اندلعت ما عُرفت بـ"حرب الأيام الاثني عشر" بين إسرائيل وإيران، ولم تُطوَ فصولها إلا بعد أن شنّ سلاح الجو الأميركي عملية "مطرقة منتصف الليل"، وهي هجوم معقد نفذته قاذفات الشبح بعيدة المدى B-2 سبيريت ضد منشآت إيرانية يُشتبه بأنها مخصصة لتطوير السلاح النووي.
غير أنّ فاعلية هذه الضربات بقيت محل جدل واسع، إذ قدّر محللون مستقلون أنّها أخّرت البرنامج النووي الإيراني فترة تتراوح بين 6 أشهر وسنتين، لكنها لم تدمره نهائياً كما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في حينه. بل إنّ رئيس وكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية المقال، كان قد سرّب للصحافة أنّ الغارات لم تحقق الأهداف المعلنة.
وبحسب وايكيرت، فإن إدارة ترامب اعتبرت الضربات بمثابة نهاية "حرب الأيام الاثني عشر"، إلا أنّ إسرائيل وإيران تنظران إليها كـ"فاتح شهية" لجولة أكبر من الصراع. فكل من الطرفين يسعى إلى الهيمنة الإقليمية، ويرى في الآخر العقبة الأساسية أمام تحقيق طموحاته الاستراتيجية.
ومنذ انتهاء الحرب، عمدت كل من طهران وتل أبيب إلى إعادة التسلح استعداداً لجولة جديدة من المواجهة. وعلى الرغم من القصف الأميركي والإسرائيلي المكثف، أثبتت إيران أنّ معظم "مدنها الصاروخية" تحت الأرض بقيت صامدة، ما يعزز مخاوف من أنّ أي حرب مقبلة قد تكون أكثر شراسة واتساعاً.