المحلية

باسمة عطوي

باسمة عطوي

ليبانون ديبايت
الثلاثاء 02 أيلول 2025 - 07:03 ليبانون ديبايت
باسمة عطوي

باسمة عطوي

ليبانون ديبايت

أزمة محركات تطال أسطول طيران الشرق الأوسط: أربع طائرات خارج الخدمة

أزمة محركات تطال أسطول طيران الشرق الأوسط: أربع طائرات خارج الخدمة

“ليبانون ديبايت” - باسمة عطوي

تواجه شركة طيران الشرق الأوسط (MEA - الميدل إيست) أزمة غير مسبوقة في تاريخها الحديث، مع تأكيد مصدر مباشر لـ”ليبانون ديبايت” عن توقف أربع طائرات من أسطول الشركة عن الخدمة بانتظار استبدال محركاتها. تأتي هذه الأزمة في وقت حساس للغاية، إذ يستعد اللبنانيون في الداخل والخارج لموسم الأعياد والسفر نهاية العام، فيما يجد الناقل الوطني نفسه أمام تحديات تشغيلية هائلة، تفرض تعديلات متكررة على جداول الرحلات، وسط ضغوط متزايدة على قدرته الاستيعابية.

تجدر الإشارة إلى أن ملامح هذه الأزمة ظهرت في أكثر من رحلة لـ”الميدل إيست”، آخرها فيديو انتشر الأسبوع الماضي على وسائل التواصل الاجتماعي، يُظهر سيدة تشتكي من على متن إحدى الطائرات المُستأجرة، بأنها دفعت ثمن تذكرة سفر على درجة الأعمال (Business)، لتُفاجأ بأن الطائرة ليست من أسطول “الميدل إيست”، ولم تحصل على خدمات هذه الدرجة بل على خدمات تشبه الدرجة السياحية (Economy)، معتبرة أن ما حصل معها هو عملية “احتيال” على الركاب.


يشرح مصدر متابع لـ”ليبانون ديبايت”، أن “شكوى الركاب في أكثر من رحلة محقّة، ويعود سببها إلى أن الميدل إيست تعمد إلى استئجار طائرات أوروبية لا تتمتع بمواصفات طائرات الشركة الأساسية، من دون إعلام الركاب بذلك، بل وتتقاضى أسعار التذاكر على أساس أن هذه المواصفات موجودة”، مشددًا على أن “هذا الأمر غير جائز أخلاقيًا ومهنيًا، وكان الأجدى بشركتنا الوطنية أن تصدر بيانًا توضيحيًا لما يجري حفاظًا على مصداقيتها وصورتها أمام زبائنها، والأهم أن يكون لديها خطط بديلة توازي الأسعار التي تتقاضاها. فليس من مسؤولية الراكب تحمّل تبعات الأزمة التي تمر بها الشركة طالما أنه يدفع الثمن نفسه للتذكرة”.


ويختم: “لا يجوز أن تربح الشركة من خلال تضليل الركاب، والأفضل استئجار طائرات تتوافر فيها الخدمات التي تُتقاضى أثمانها، حفاظًا على سمعتها ومصداقيتها”.


خلفية الأزمة: محركات P&W في قلب العاصفة


الأزمة تتمحور حول طائرات A321neo العاملة بمحركات Pratt & Whitney PW1100G-JM، وهي المحركات التي تعاني عالميًا من عيوب تصنيع مرتبطة بالمساحيق المعدنية المستخدمة في شفرات الضاغط. هذا الخلل أجبر الشركة المصنعة على إطلاق برنامج صيانة طارئ يشمل عمليات فحص عميقة واستبدال المحركات في مئات الطائرات حول العالم.


طيران الشرق الأوسط، الذي استثمر منذ عام 2020 في أسطول حديث من طائرات الـA321neo، وجد نفسه جزءًا من هذه الدائرة. ومع تعذّر توفير المحركات البديلة بالسرعة المطلوبة، اضطرت الشركة إلى إخراج أربع طائرات من الخدمة، ما يعادل نسبة ملموسة من أسطولها الفعّال.


تداعيات على القدرة التشغيلية


توقف أربع طائرات يعني عمليًا خسارة عشرات الرحلات الأسبوعية التي كانت تُنفّذ على متن هذه الطائرات، خصوصًا وأنها تُعد العمود الفقري للرحلات متوسطة المدى نحو أوروبا والخليج وأفريقيا. وبما أنّ أسطول MEA ليس ضخمًا مقارنة بشركات الطيران الإقليمية الكبرى، فإن أي نقص عددي يُترجم مباشرة بضغط على الجداول التشغيلية.


خلال الأشهر الماضية، بدأت ملامح الأزمة تظهر في شكل تعديلات متكررة على مواعيد الرحلات، وإلغاء بعضها في اللحظة الأخيرة “لأسباب تشغيلية”، وهي صيغة باتت مألوفة للمسافرين. ومع اقتراب موسم الأعياد من أواخر تشرين الثاني وحتى مطلع كانون الثاني، يُتوقع أن يتضاعف الضغط مع ارتفاع الحجوزات وامتلاء المقاعد بشكل شبه كامل.


تأثير على المسافرين والمغتربين


يشكل موسم الأعياد في لبنان ذروة سنوية للسفر، حيث يعود آلاف المغتربين من أوروبا وأميركا والخليج لقضاء عطلتهم مع عائلاتهم. أي اضطراب في جدول الرحلات خلال هذه الفترة الحساسة ينعكس مباشرة على مئات العائلات التي تعتمد على MEA كناقل رئيسي. وقد يضطر المسافرون إلى مواجهة تغييرات في توقيت الرحلات، أو التحويل إلى رحلات غير مباشرة عبر مطارات مجاورة مثل عمّان وإسطنبول والدوحة. كما قد تتأثر الأسعار نتيجة انخفاض العرض مقابل الطلب المرتفع، ما يفاقم الأعباء المالية على اللبنانيين الذين يعانون أصلًا من ضغوط اقتصادية.


الخيارات المحدودة أمام MEA


إزاء هذا الواقع، تجد الشركة نفسها أمام خيارات محدودة:

1. إعادة جدولة الرحلات بما يتناسب مع عدد الطائرات المتاح، ما يعني دمج بعض الوجهات أو تقليص عدد الرحلات اليومية.

2. استئجار طائرات إضافية (Wet Lease) من شركات أجنبية لتغطية النقص، لكن هذا الخيار مكلف ويتطلب ترتيبات لوجستية وتشغيلية معقدة.

3. التنسيق مع شركات طيران شريكة ضمن شبكة التحالفات الثنائية لتأمين مقاعد بديلة للمسافرين.


غير أنّ هذه الحلول كلها تبقى جزئية، ولا تلغي حقيقة أنّ أزمة المحركات مرهونة بإيقاع بطيء تفرضه ورش الصيانة العالمية التابعة لشركة Pratt & Whitney.


انعكاسات مالية وتشغيلية


من الناحية المالية، يُتوقع أن تتكبد MEA خسائر ملحوظة نتيجة انخفاض عدد المقاعد المعروضة على الخطوط الأكثر ربحية في موسم الأعياد. كما ستتحمل الشركة كلفة إضافية مرتبطة باستئجار طائرات أو تعويض المسافرين المتضررين.


أما على المستوى التشغيلي، فإن الضغط على الأسطول المتبقي قد يؤدي إلى زيادة معدلات الاستهلاك والتآكل، ما يستوجب صيانة مكثفة لتفادي تعطل مفاجئ لطائرات إضافية. وهذا بدوره يضع عبئًا إضافيًا على الطواقم الفنية في مطار بيروت.


المشهد الإقليمي والدولي


لا تقتصر أزمة محركات الـPW1100G على طيران الشرق الأوسط. شركات طيران كبرى في الهند وأوروبا والخليج واجهت اضطرارًا إلى توقيف عشرات الطائرات من الخدمة، ما يعكس حجم الأزمة على مستوى عالمي. غير أنّ الفارق يكمن في أنّ شركات الطيران الكبرى تمتلك أساطيل ضخمة تسمح لها بامتصاص الصدمة، بينما يجد الناقل اللبناني نفسه أكثر هشاشة نظرًا لحجمه المحدود.


مع دخول الأزمة مرحلة حساسة، يقف طيران الشرق الأوسط أمام اختبار جديد يُضاف إلى سلسلة التحديات التي واجهها خلال السنوات الماضية، من الانهيار الاقتصادي إلى جائحة كورونا وصولًا إلى التوترات الأمنية في المنطقة.


اليوم، يواجه الناقل الوطني تحديًا تقنيًا بحتًا، لكنه ذو أبعاد اجتماعية واقتصادية واسعة. نجاح الشركة في إدارة الأزمة والتواصل بشفافية مع المسافرين سيحدد مدى قدرتها على الحفاظ على ثقة الجمهور، خصوصًا في موسم الأعياد الذي يشكل نافذة الأمل للبنانيين المنتشرين حول العالم.


وفي انتظار أن تنتهي ورش الصيانة العالمية من معالجة الأزمة وتوفير المحركات البديلة، سيبقى شعار المرحلة بالنسبة لـMEA هو التأقلم: تعديل الجداول، تعويض النقص، ومواجهة الضغوط بأقل الأضرار الممكنة.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة