“ليبانون ديبايت”
في مشهد يصفه مطلعون بأنّه “طعنة جديدة في جسد العدالة”، تتكشف فصول فضيحة قضائية ـ مالية عنوانها “بنك الاعتماد المصرفي”. فبدل أن يشكّل الملف مناسبة لكشف الحقائق ومحاسبة المسؤولين، جاءت التسريبات الأخيرة لتكشف عن استعجال لافت في إصدار القرار الظني، وهو ما اعتبره متابعون أقرب إلى محاولة تمرير الملف قبل انتقاله إلى قاضية يُشهد لها بالنزاهة والصرامة.
وبحسب المعطيات المسرّبة، فإن قاضي التحقيق الأول في بيروت بالإنابة بلال حلاوي اختار أن يختم التحقيقات بشكل مفاجئ، محيلًا الملف إلى النيابة العامة الاستئنافية في بيروت خلال فترة المناوبة القضائية، من دون التعمق في جوهر القضية أو الاستماع الكافي إلى الشهود والمتورطين المحتملين. ثم جاء القرار الظني الذي وقّعه حلاوي يوم الإثنين في خطوة غير مألوفة، إذ غالبًا ما يكتفي بحضوره إلى قصر العدل يومي الثلاثاء والخميس فقط، علمًا أنّه أبلغ المتقاضين في دائرته أنّه لن يُصدر قرارات أخرى بعد نقله إلى النيابة العامة الاستئنافية في بعبدا، في مركز أدنى من موقعه الحالي.
توقيت القرار رسم علامات استفهام، إذ جرى قبل 15 أيلول، الموعد المحدد لتسلّم القاضية رولا عثمان مهامها كقاضية تحقيق أول في بيروت. وعثمان، التي تشهد لها الأوساط القضائية بالنزاهة والجرأة، عُرفت برفضها الرضوخ لأي ضغوط، فضلًا عن كونها ابنة قاضٍ استشهد على قوس المحكمة. من هنا، يطرح المراقبون سؤالًا مركزيًا: هل أراد حلاوي تسريع الملف وإقفاله قبل انتقاله إلى قاضية تُعرف بصرامتها واستقلاليتها؟
مصادر متابعة أكدت أنّ التحقيقات، لو استُكملت بالحد الأدنى من التعمق، لكانت ستقود إلى “رؤوس كبيرة” داخل القطاع المصرفي، من بينها شخصية بارزة لعبت دورًا محوريًا في أحد المصارف المدرجة على لوائح العقوبات الدولية، وتربطها علاقة مباشرة بمرجعية سياسية نافذة يُذكر اسم القاضي حلاوي في محيطها.
أما النتيجة، فتمثّلت ـ وفق متابعين ـ في الاكتفاء بملاحقة الموقوفين الحاليين وإقفال الملف عند هذا الحد، في محاولة لإعطاء الرأي العام صورة مُضلِّلة بأن العدالة أنجزت مهمتها وتمّت محاسبة المتورطين، فيما الفاعلون الأساسيون يواصلون ممارسة نفوذهم بحرية. وهو ما يثير انطباعًا بأن ما جرى لم يكشف الصورة الكاملة، وحجب تفاصيل مالية وقضائية أوسع مما وصل إلى الرأي العام.