قررت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب السماح لوكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك (ICE) بالوصول إلى واحدة من أكثر أدوات التجسس الإلكترونية تطوراً في العالم، عبر المضي قدماً في عقد مع شركة Paragon Solutions، على الرغم من الجدل الحقوقي الواسع حول نشاطها.
وتنتج الشركة برنامج التجسس المعروف باسم Graphite، القادر على اختراق الهواتف المحمولة والسيطرة الكاملة عليها، بما يشمل تتبع المواقع، قراءة الرسائل والصور، والوصول إلى البيانات داخل التطبيقات المشفّرة مثل واتساب وسيغنال.
كما يمكن للأداة تحويل الهاتف إلى جهاز تنصت عبر تشغيل الميكروفون عن بُعد، وفق تقرير لصحيفة واشنطن بوست.
وكانت إدارة الرئيس السابق جو بايدن قد منعت التعاقد مع الشركة بموجب أمر تنفيذي ضد مزوّدي برامج التجسس غير الأخلاقية. لكن إشعاراً نُشر في 29 آب الماضي كشف أن عقداً سابقاً بقيمة مليوني دولار مع باراغون قد تم تعديله لرفع "أمر وقف العمل" المفروض العام الماضي.
القرار أثار موجة قلق بين المدافعين عن الحقوق المدنية، خصوصاً مع سياسات أكثر تشدداً تجاه المهاجرين تشمل الاعتقال قبل المحاكمة والترحيل إلى دول ثالثة. وحذّر منتقدون من أن تمكين ICE من أداة بهذا المستوى قد يؤدي إلى انتهاكات واسعة لحقوق الأفراد داخل الولايات المتحدة وخارجها.
قدّمت باراغون نفسها كنسخة "أكثر أخلاقية" من مجموعة NSO الإسرائيلية، المصنّعة لبرنامج "بيغاسوس" المحظور أميركياً. لكنها واجهت فضائح بعد العثور على آثار برنامج Graphite في هواتف صحافيين إيطاليين ومدافعين عن المهاجرين، وحتى أشخاص مقربين من البابا فرنسيس. وفيما أقرّت السلطات الإيطالية ببعض الاختراقات، نفت مسؤوليتها عن أخرى، ما دفع الشركة إلى إنهاء تعاونها مع جهات حكومية إيطالية.
حصلت باراغون سابقاً على عقود مع جهات أميركية، بينها عقد عام 2024 مع وكالة ICE، لكن التعاون جُمّد في عهد بايدن. وتملك الشركة صلات بشركة REDLattice المتخصصة في الاستخبارات السيبرانية، والتي تضم في مجلس إدارتها مسؤولين سابقين في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA).
ويُنظر إلى هذه القضية كمؤشر مبكر على توجهات إدارة ترامب الجديدة في التعامل مع شركات التجسس التجاري، بعد أن لعبت إدارة بايدن دوراً محورياً في الحملة الدولية لمعاقبة مزوّدي هذه الأدوات بسبب استهدافهم الصحافيين والمعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان.