"ليبانون ديبايت"
تتجه الأنظار نحو مبنى حزب الوطنيين الأحرار التاريخي في السوديكو، بعد تسريبات جدّية عن وجود مفاوضات لبيعه إلى رجل أعمال مسيحي مغترب في الولايات المتحدة مقابل عشرين مليون دولار. هذا التطور أثار عاصفة سياسية وتنظيمية داخل الحزب، إذ إن المبنى يُعتبر أحد أبرز معالم تاريخه ونضاله منذ عقود، وهو ملك حزبي عام وليس ملكاً خاصاً.
ورغم أن المبنى مصنّف تراثياً، ما يمنع هدمه، إلا أنّ إمكانية الاستفادة من الأراضي المحيطة به والتابعة للعقار تفتح الباب أمام استثمارات ضخمة. غير أنّ بعض القياديين في الحزب يسعون لوضع إشارة على العقار لوقف عملية البيع، محذّرين من “طمس معلم أساسي من معالم الحزب”.
المفارقة أنّ قيادة الأحرار لم تُسارع إلى نفي الإشاعات، بل فضّلت الصمت، الأمر الذي ضاعف من حجم الخلافات الداخلية، وفتح الباب أمام استقالات متتالية من صفوفه. وفي الكواليس، يدور جدل حاد حول الآليات القانونية لعملية البيع، إذ إنّها تفترض موافقة الهيئة العامة للحزب المؤلفة من نحو 180 شخصاً من أصحاب المسؤوليات التنظيمية.
ويأتي ذلك فيما تولّى كريم شمعون، نجل رئيس الحزب كميل شمعون، منصب أمين الداخلية، وهو الموقع الذي يمنحه صلاحيات الإشراف على التعيينات الحزبية، وبالتالي التأثير المباشر على تشكيل الهيئة العامة المخوّلة اتخاذ القرار. وتجدر الإشارة إلى أنّ تعيينه جاء مباشرة بعد استقالة أمين الداخلية السابق، ما زاد من حدّة الجدل حول التوقيت والأبعاد.
الجدل الدائر لا يقتصر على الجانب القانوني، بل يلامس جوهر الهوية التاريخية للحزب، ويطرح علامات استفهام حول مستقبل الإرث الشمعوني في السوديكو، وسط انقسام بين تيار يدفع باتجاه البيع والاستفادة المالية لتطوير الحزب، وآخر يعتبر أنّ خطوة كهذه ستشكّل “طعنة في قلب الحزب” قد لا يشفى منها.
ومع تصاعد النقاش، يبرز سؤال محوري بين القياديين والكوادر: هل المطروح للبيع هو مبنى الحزب فقط، أم أنّ الأمر يتجاوز ذلك ليكون بيعاً للحزب نفسه، خاصة أنّ قيمة الأرض لا توازي هذا المبلغ؟ ولعلّ سوابق سياسية مشابهة، مثل بيع حزب الكتلة الوطنية، ما زالت حاضرة في الأذهان كشاهد مقلق.
الـــمــــزيــــــــــد
