كشفت صحيفة "واشنطن بوست" أنّ تحذيراً علنياً غير مسبوق من الإمارات دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى إعادة النظر في بحث مسألة ضم الضفة الغربية أو أجزاء منها، رغم الضغوط المتزايدة من شركائه في الحكومة. التحذير الذي صدر الثلاثاء الماضي على لسان لانا نسيبة، مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية ومبعوثة الخارجية الإماراتية، شدد على أنّ أي خطوة لضم الضفة ستكون خطاً أحمر يهدد جوهر "اتفاقات أبراهام".
وبحسب الصحيفة، فإن هذا الموقف العلني سبقه سيل من التحذيرات السرية التي وجهتها أبو ظبي لإسرائيل. إلا أنّ تجاهل نتنياهو لتلك الرسائل، وصمت إدارة ترامب التي بدت وكأنها تساير الموقف الإسرائيلي، دفع الإمارات إلى رفع الصوت علناً. مصادر إسرائيلية أقرت بأن الإعلان جاء مفاجئاً، ووصفته بأنه "غير معتاد"، فيما بدا أنّ نتائجه كانت مباشرة بعدما أُلغي بند خاص ببحث الضم من جدول اجتماع أمني إسرائيلي، واقتصر النقاش على الوضع الميداني في الضفة.
الموقف الأميركي اتسم بالحذر، إذ قال وزير الخارجية ماركو روبيو إنّ مسألة الضم "ليست نهائية ولا تزال موضع نقاش"، قبل أن يتهم فرنسا وبريطانيا بأنهما دفعتا إسرائيل نحو هذا الخيار عبر إعلانهما الاعتراف بدولة فلسطينية. أما السفير الأميركي في إسرائيل مايك هاكبي فقد اعتبر الشهر الماضي أنّ "الضم قرار إسرائيلي"، مضيفاً أنّ "السابع من تشرين الأول غيّر كل شيء".
في الداخل، يواصل نتنياهو مواجهة ضغوط كبيرة، أبرزها من وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي دعا إلى فرض السيادة الإسرائيلية على 82% من أراضي الضفة وترك 18% فقط للفلسطينيين، وفق معادلة "أقصى مساحة أرض – أقل عدد عرب". ونقلت "يديعوت أحرونوت" و"واي نت" أنّ وزير الشؤون الاستراتيجية المقرب من نتنياهو، رون ديرمر، عبّر أيضاً عن دعمه لفكرة الضم، قائلاً إنّ السيادة في الضفة "مسألة وقت، والسؤال فقط على أي جزء منها".
ويرجح أن يكون ديرمر قد تلقى التحذيرات الإماراتية شخصياً خلال زيارته الأخيرة إلى أبو ظبي التي أوفده إليها نتنياهو في محاولة لـ"ترميم العلاقات" المتوترة بسبب حرب غزة. هناك التقى الرئيس الشيخ محمد بن زايد، الذي يرفض لقاء نتنياهو مباشرة على خلفية تشدد الموقف الإسرائيلي، في وقت تتعمق فيه الفجوة بين الجانبين منذ السابع من تشرين الأول.
يُذكر أنّ إسرائيل والإمارات أقامتا علاقات دبلوماسية عام 2020 في إطار "اتفاقات أبراهام" التي رعتها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، ما فتح الباب أمام تعاون اقتصادي وسياحي واسع. إلا أنّ التطورات الأخيرة في غزة أدت إلى تراجع كبير في زخم تلك العلاقات، وتجلّى ذلك في تموز الماضي حين استقبل بن زايد رئيس المعارضة يائير لابيد في أبو ظبي، وهو ما أثار استياء مقربين من نتنياهو الذين اعتبروا الخطوة تدخلاً في الشأن السياسي الداخلي الإسرائيلي.