المحلية

عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت
الاثنين 08 أيلول 2025 - 07:24 ليبانون ديبايت
عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت

“الجيش الأميركي” يضع يده على لبنان!

“الجيش الأميركي” يضع يده على لبنان!

"ليبانون ديبايت" - عبد الله قمح


يزداد المشهد اللبناني تعقيداً. فالجلسة الحكومية يوم الجمعة الماضي، التي أُريد لها أن تكون عنواناً داخلياً للانفراج، زادت الأمور قتامةً في الخارج، بعدما وصلت إلى لبنان أجواء سلبية نتيجة ما اعتُبر “عدم وضوح” في قرار الحكومة بشأن الخطة التي قدّمها الجيش لحصر السلاح.


أولى العلامات جرى التعبير عنها من خلال زيارة مورغان أورتاغوس برفقة القائد الجديد للقيادة الوسطى الأميركية، الأدميرال براد كوبر. وقد شاءت أورتاغوس ألّا تزور أحداً من السياسيين، مفضّلةً التعاطي أمنياً مع لبنان بشكلٍ شبه مستقل.


سبق ذلك أن أشارت مصادر عدّة إلى أنّ الخطة التي قدّمها الجيش إلى مجلس الوزراء، من دون تحديد آليات أو مهل زمنية لنزع السلاح، لم تحظَ بموافقة أميركية منذ البداية، على اعتبار أنها استندت إلى تعديلات لبنانية أُدخلت على ورقة توم براك؛ وهي تعديلات سبق أن رفضها كلٌّ من الأميركيين والإسرائيليين، بعدما أكّدا أنهما غير معنيَّين بأي خطوات مقابلة للخطوة اللبنانية.


إلى جانب ذلك، فإنّ التغييرات في القيادة الوسطى الأميركية لا تنسجم مع الآمال اللبنانية. فالأدميرال كوبر، الذي تولّى رئاسة القيادة الوسطى، يُعدّ من جيل جديد لا تربطه أي علاقات بالمسؤولين اللبنانيين خلافاً لأسلافه. وهو أيضاً صاحب تجربة ميدانية بارزة كمنظّرٍ للضربات الأميركية على اليمن ومشرفٍ عليها، ما يعني أنّ خلفيّته عسكرية صِرفة، ويفترض أن يكون تعامله كذلك. وزاد المشهد تعقيداً إعلان الرئيس دونالد ترمب مؤخّراً استبدال اسم وزارة الدفاع الأميركية بـ”وزارة الحرب”، في إشارة إلى تحوّلٍ استراتيجي عسكري أميركي نحو مزيد من الانخراط المباشر في حروب المنطقة.


لبنان، بطبيعة الحال، لن يكون بمنأى عن هذه التغييرات. واحدة من المؤشرات البارزة هي إعادة هيكلة المبعوثية الأميركية في لبنان، إذ أُزيح توم براك لتحلّ مكانه مورغان أورتاغوس بتفويض مباشر من الرئيس ترمب، وفق ما أعلن براك نفسه من قصر بعبدا خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان.


هذا التغيير ترافق مع تعيين كوبر، الذي تقول المصادر إنّه على علاقة وطيدة بأورتاغوس، الأمر الذي دفعهما لتقاسم الأدوار لبنانياً. فملفّ لبنان بالنسبة إلى الأميركيين لم يعد سياسياً فحسب، بل تحوّل إلى ملفٍّ سياسي–عسكري بأبعادٍ أمنية؛ إذ تتولّى أورتاغوس مسار التفاوض الأمني/الجوّال مع إسرائيل، فيما يتولّى كوبر – الذي اختار ضابطاً سيُسمّيه لرئاسة الآلية الثلاثية (Mechanism) خلفاً للجنرال الحالي مايكل ليني – الإشراف المباشر على الجانب العسكري. ويُتردَّد أنّ الضابط المقترَح كان مساعداً مباشراً لكوبر، وينحدر هو أيضاً من القوات البحرية الأميركية.


سياسياً، انعكست هذه التغييرات على الداخل اللبناني. فالتبدّل في مسار البعثة الأميركية أدّى إلى مزيدٍ من الرقابة المشدّدة على الأداء الرسمي، خصوصاً بعدما فُهِم أنّ جلسة مجلس الوزراء الأخيرة قضت بتجميد القرار اللبناني بالمضي نحو حصر السلاح، وبالتالي سقطت المهلة التي حدّدتها الحكومة نفسها في جلسة 5 آب الماضي والتي كان يُفترض أن تنتهي بحلول نهاية العام الجاري. وللتذكير، كان قائد الجيش العماد رودولف هيكل قد ربط بين استئناف الخطة وحصرها بدايةً بجنوب الليطاني، على أن تُنجَز خلال ثلاثة أشهر، وبعدها تتوسّع إلى خارجها؛ وهي الأشهر الثلاثة التي طلبتها واشنطن تحديداً لإنهاء ما تسمّيه “مشكلة سلاح حزب الله”.


الأسلوب الأميركي الجديد، كما يبدو، يتجه نحو تفعيل دور الآلية بشكلٍ عكسي يخدم الرؤية الأميركية لا اللبنانية، من دون أن يعني ذلك أنّ الاجتماعات شبه الأسبوعية ستُستأنَف. فخلال الأشهر الثلاثة الماضية، وتحديداً منذ تسلّم توم براك الوساطة، سادت أجواء تفيد بأنّ الأميركيين طلبوا من الإسرائيليين تحييد بيروت (بما فيها الضاحية الجنوبية) عن أي قصفٍ مباشر. وقد تُرجم ذلك لاحقاً في بيانٍ شهير لجيش العدو ألمح فيه إلى أنّ حزب الله يطوّر مسيّرات داخل منشآت في الضاحية. وقد ساد الاستغراب يومها من عدم مبادرته إلى استهدافها كما سبق وفعل، ليفهم لاحقاً أنّ واشنطن طلبت تجميد الضربات مرحلياً.


اليوم، يُطرح أنّ إعادة تفعيل الآلية – وفق الرؤية الأميركية – ستشكّل مدخلاً للعودة إلى النهج القديم؛ أي متابعة تقديم معطيات استخبارية للجيش اللبناني لمداهمة مواقع محدّدة خارج منطقة جنوب الليطاني – تحديداً صوب الضاحية ومناطق أخرى. وبهذا الشكل، تتجاوز واشنطن قرارات الحكومة اللبنانية، وتفرض عملياً انتقال الجيش من جنوب الليطاني إلى ما بعده، مع احتمال استخدام سلاح الجوّ الإسرائيلي في عمليات قصفٍ جديدة، هدفها ليس فقط إلحاق الأذى العسكري، بل الضغط على الحكومة اللبنانية.


في هذا السياق، تسرّبت معلومات عن زيارة الأدميرال براد كوبر إلى بيروت برفقة مورغان أورتاغوس، فيما أعلنت القيادة المركزية عبر حسابها أنّ كوبر استهلّ جولته بزيارة إسرائيل. ومن هناك، أكّد كوبر التزام واشنطن “العميق بحماية أمن إسرائيل”. وبعد ذلك، نقل الإعلام العبري أنّ كوبر زار مستوطنات غلاف غزة، حيث استحدثت الحكومة الإسرائيلية مزاراً إلزامياً لمعاينة ما تسمّيه “آثار هجوم السابع من أكتوبر”. ومن هناك، جدّد كوبر التأكيد على التزام الولايات المتحدة الأبدي بأمن إسرائيل.


في اليوم التالي، وصل كوبر إلى بيروت، حيث عقد لقاءات شدّد خلالها على أولويات واشنطن ودور الجيش اللبناني وضرورة نزع سلاح حزب الله، وأبلغ – على هامشها – التغييرات المزمع إجراؤها على الرؤية الأميركية العسكرية للبنان. لكنه غادر سريعاً إلى قبرص، مفضّلاً المبيت هناك انتظاراً لوصول مورغان أورتاغوس، ولهذا دلالات واضحة. في اليوم التالي عاد برفقتها إلى بيروت، حيث شاركا في اجتماع الآلية الشهري، ثمّ قاما بجولةٍ جوّية على طول خط جنوب الليطاني باستخدام طوافة تابعة لليونيفيل لا للجيش اللبناني، قبل أن يغادرا من دون إجراء لقاءات.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة