الباحث في "الدولية للمعلومات" محمد شمس الدين، يؤكد في حديث إلى "ليبانون ديبايت"، أن "العدد الفعلي للسوريين الموجودين في لبنان لا يزال غير محدّد بدقة، موضحًا أنه "خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان، عاد أكثر من 400 ألف سوري إلى سوريا، إلا أن القسم الأكبر منهم عاد لاحقًا إلى لبنان، وبعد سقوط نظام الأسد، عاد مئات الأفراد إلى بلادهم، في مقابل نزوح أكثر من 90 ألف شخص من مناطق حمص ودمشق إلى لبنان، قسم قليل منهم توجّه إلى الإمارات، مصر أو دول عربية أخرى، لكن الغالبية بقيت في لبنان، خصوصًا أن جزءًا كبيرًا منهم من أصول لبنانية كانوا يقيمون في سوريا منذ أكثر من خمسين عامًا".
تقليص المساعدات وتسهيلات للعودة
ويشرح شمس الدين أنه "بموجب القرار الحكومي وبالتوافق مع الدول المانحة، جرى تقليص المساعدات الصحية والطبية والغذائية المقدمة للنازحين في لبنان، مقابل اعتماد آلية جديدة تقوم على منح حوافز مالية بقيمة 100 دولار للفرد و400 دولار للعائلة، كما تم إعفاء العديد من الغرامات والقيود المفروضة على الداخلين بشكل غير شرعي، ما سهّل عملية العودة".
ويتابع: "حتى الآن، لا تتوافر أرقام دقيقة عن عدد النازحين الذين عادوا إلى بلدهم، لكن التقديرات تشير إلى أن نحو 15 ألف شخص عادوا بالفعل، مع تزايد الأعداد خلال الأيام الأخيرة، خصوصًا من مناطق مثل عرسال وغيرها".
توقعات بعودة 150 ألف... لكن الرقم الإجمالي لا يزال صادمًا
ويشير إلى أن "وفق التوقعات، قد يصل عدد العائدين إلى 150 ألفًا مع نهاية العام. وهنا يُطرح السؤال: إذا انخفض العدد من نحو مليون وسبعمائة ألف إلى مليون وخمسمائة وخمسين ألفًا، فإن الرقم لا يزال كبيرًا جدًا، ما يعني أن هذا الملف يحتاج إلى تسريع في المعالجة".
ويشدّد شمس الدين على أن "المشكلة الأساسية تكمن في غياب رقم دقيق لعدد السوريين الموجودين في لبنان. فإذا انطلقنا من تقدير يقارب مليون وسبعمائة ألف نازح، فإن عودة 150 أو حتى 200 ألف شخص مع نهاية العام، تعني أن ما يزيد عن مليون ونصف لا يزالون في لبنان، وهو رقم ضخم جدًا ويتطلب معالجة جادة وسريعة".
تحوّل في نمط الإقامة... والعائلات تعود أولًا
ويضيف أن "المقاربة الأهم ليست فقط في احتساب أعداد العائدين، بل في النظر إلى من يبقى وكيف يبقى. فهناك توجه متزايد لدى العائلات السورية للاستقرار في الداخل السوري، بينما يستمر الأفراد في التنقل إلى لبنان للعمل، هذا الواقع يخفف الضغط عن البنية التحتية اللبنانية لناحية المياه والنفايات والخدمات العامة، إذ يصبح المقيم فردًا بدلًا من عائلة كاملة، لكن في المقابل، يترتّب أثر اقتصادي مختلف، إذ أن الفرد العامل في لبنان يحوّل جزءًا أكبر من دخله إلى عائلته في سوريا، ما يعني زيادة في حجم التحويلات المالية إلى الخارج".
ويختم مشيرًا إلى أن "الوضع الاقتصادي في سوريا لا يزال هشًّا، مع غياب مشاريع الإعمار وانخفاض كبير في فرص العمل مقارنة بلبنان، كما أن الحكومة السورية تتجه نحو إلغاء عقود العمال المؤقتين والاكتفاء بالموظفين الدائمين، ما يعني فقدان مئات آلاف السوريين لوظائفهم، هذا التطور، بحسب شمس الدين، سيشكل ضغطًا إضافيًا على لبنان، مع ارتفاع احتمالات قدوم المزيد من العمال السوريين بحثًا عن فرص عمل".