لكن خلف هذا المشهد، تكشف معلومات "ليبانون ديبايت" أنّ إبراهيم لم يكن يعاني من أمراض مزمنة أو مشاكل صحية معروفة خلال فترة توقيفه، كما أنّ ملفاته القضائية كانت قد أُدمغت، وكان من المفترض أن يُخلى سبيله في تشرين الأول المقبل، ما يطرح تساؤلات حول استغلال حادثة وفاته بهذه الطريقة.
السجناء حذّروا الدولة من مغبّة تجاهل مطالبهم، في خطوة تُظهر محاولة لاستثمار مأساة إنسانية للضغط على السلطات ودفعها نحو إقرار القانون 108 المتعلق بتخفيف الأحكام.
ولا يقف الأمر عند هذا الحد، فكلما وقع حدث داخل السجن، يسارع بعض السجناء – وخصوصاً في مبنى B الذي يضم السجناء الإسلاميين – إلى الظهور بمظهر الضحايا المحرومين من الغذاء والرعاية. غير أنّ المعطيات تناقض ذلك، إذ تؤكد المعلومات أنّ دار الفتوى، بالتنسيق مع القوى الأمنية، تدخل بشكل دوري أطناناً من المواد الغذائية المتنوعة، من الدجاج واللحوم إلى الأسماك والحبوب، بما يوفّر سلّة غذائية مكتملة من دون أي نقص.
المفارقة أنّ سجناء مبنى B يعيشون ظروفاً مرفهة نسبياً مقارنة بغيرهم، إلى درجة أنّ بعض المراقبين وصفوا الأمر بأن الدولة "تغنّجهم"، فيما يُحرم سجناء آخرون في مبانٍ مختلفة من أبسط الحاجات، حتى الملابس الداخلية، التي لا يحصلون عليها إلا بعد وساطات ومساعٍ طويلة.
هذا التباين الفاضح في التعامل يفتح الباب أمام أسئلة كبرى: لماذا يُعامل السجناء الإسلاميون في مبنى B معاملة خاصة؟ هل هو تمييز طائفي؟ ولماذا تصرّ الدولة على هذا النهج بدل توحيد معاييرها على جميع السجناء؟
إذا كانت الدولة تسعى إلى إرساء العدالة داخل السجون، فإن ما يحصل اليوم يناقض هذا الهدف. فالتساهل الرسمي مع فئة محدّدة على حساب غيرها، وتحويل السجناء حالة وفاة داخل السجن إلى ورقة ابتزاز سياسي، يطرحان علامات استفهام خطيرة حول أداء السلطات الأمنية والقضائية، ويؤكدان أنّ ملف السجون في لبنان لم يعد مجرّد قضية إنسانية أو قضائية، بل تحوّل إلى مرآة للانقسامات الطائفية والسياسية المستعصية. وللحديث تتمّة!