اقليمي ودولي

عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت
الأربعاء 10 أيلول 2025 - 07:09 ليبانون ديبايت
عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت

الشرع يطلب أحمد الأسير بالاسم

الشرع يطلب أحمد الأسير بالاسم

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح


تعود مطالبة دمشق بالإفراج عن الموقوفين الإسلاميين في لبنان إلى أشهر مضت. فمع سقوط النظام القديم وبدء تشكّل السلطة الجديدة، اقتصرت المطالب السورية في البداية على الموقوفين السوريين فقط، قبل أن تتوسع لاحقاً لتشمل جميع الموقوفين الإسلاميين تقريباً.


قبل نحو سبعة أشهر، زار وفد من السفارة السورية في بيروت –بتوجيه من دمشق– مبنى الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية، والتقى عدداً منهم، ثم رفع تقريراً إلى دمشق بأحوالهم. حينها، برزت مشكلة تمثلت في حصر اهتمام السوريين بالموقوفين من جنسيتهم فقط، ما أثار امتعاضاً لدى الآخرين وكان مرشّحاً للتفاعل أكثر بعد نمو حركات اعتراضية رافضة بين صفوف هؤلاء السجناء.


لاحقاً، دخل أحد المحامين اللبنانيين المعروف بقربه من الإسلاميين على خط الوساطة، فزار دمشق بشكل متكرر، مجرياً لقاءات مع شخصيات سورية رسمية معنية بالملف، لينجح معها في إعادة صياغة الموقف السوري الرسمي باتجاه المطالبة بجميع الموقوفين الإسلاميين، تحت عنوان: “منع الدولة اللبنانية من تجزئة الملف”.


خلال الفترة الماضية، فعّلت دمشق قنواتها الرسمية، فلم يعد بالنسبة إليها ملف الإسلاميين مجرد ورقة ابتزاز للبنان، بل أداة ضغط لتحصيل مكاسب مباشرة. وفي هذا السياق، شكّلت وفداً رسمياً ضم مدير الشؤون العربية في وزارة الخارجية السورية الوزير السابق محمد الأحمد، ومسؤول الإدارة القنصلية الوزير السابق محمد العمر، إضافة إلى رئيس الهيئة الوطنية السورية للمفقودين والمخفيين قسراً محمد منذر خلجي. وقد زار الوفد بيروت وأجرى لقاءات أهمها مع نائب رئيس الحكومة طارق متري، حيث جرى بحث الملف والاتفاق على تشكيل لجان متابعة. ولاحقاً، انعقد في دمشق “اجتماع عمل” شارك فيه قضاة لبنانيون وضباط من الجيش والأمن العام وقوى الأمن الداخلي.


عملياً، تطالب دمشق بالإفراج عن نحو 350 موقوفاً إسلامياً كمرحلة أولى، على أن تبدأ لاحقاً معالجة ملفات الموقوفين السوريين الآخرين في قضايا جنائية، والذين يبلغ عددهم قرابة 2500 شخص. وبحسب المعلومات، يتوزع الموقوفون الإسلاميون بين لبنانيين وسوريين وفلسطينيين وعراقيين وجنسيات عربية أخرى، ويُحسبون على تنظيمات مثل “جبهة النصرة” (سابقاً)، “تنظيم الدولة الإسلامية” (داعش)، “جند الشام”، “كتائب عبدالله عزام”، جماعة أحمد الأسير وجماعة الشيخ “حبلص”، إضافة إلى تشكيلات متشددة كـ”حزب التحرير الإسلامي”.


من المعروف أن جزءاً من هؤلاء صدرت بحقهم أحكام مبرمة بجرم قتل مدنيين أو عسكريين لبنانيين، فيما يُتهم آخرون بارتكاب أعمال إرهابية على الأراضي اللبنانية أو التخطيط لتنفيذها، في حين أن الغالبية ما زالت قيد التوقيف من دون صدور أحكام، بتهم تتعلق بالارتباط بتنظيمات إرهابية.


القضية شديدة التعقيد، ويزيدها تعقيداً تعاطي الإدارة السورية معها بقدر من الشعبوية. فهي تتجاهل أن قسماً من هؤلاء متورط في قتل لبنانيين مدنيين وعسكريين، علماً أن هناك قراراً رسمياً لبنانياً بعدم تسليم هذه الفئة إلى دمشق. مع ذلك، تواصل سوريا المطالبة بهم، في ما يشبه عملية ابتزاز مرتبطة بمستقبل العلاقة مع لبنان.


الأكثر إثارة للجدل أن بعض هؤلاء الموقوفين ينتمون إلى تنظيمات مدرجة على لوائح الإرهاب الدولية، مثل “داعش” و”حزب التحرير الإسلامي”، في وقت لا تزال واشنطن –في إطار التحالف الدولي– تخوض حرباً على “داعش” داخل سوريا، مع العلم أن مصادر أمنية متعددة تكشف أن واشنطن ألمحت إلى أنها ترفض إطلاق سراح إسلاميين مدانين بالإرهاب من لبنان. فكيف تطالب دمشق بهؤلاء؟


رغم ذلك، تفيد معلومات مؤكدة أن دمشق تسعى لتحقيق “إنجاز ما” في هذا الملف لتوظيفه داخلياً وأمام جمهورها الإسلامي، بعدما تراجعت صورتها بشدة إثر اتهامها بالتخلي عن “الشريعة والمجاهدين”.


مصدر قضائي لبناني كشف لـ”ليبانون ديبايت” أن كل الضجة السورية الراهنة تستهدف خصوصاً المطالبة بإخلاء سبيل عدد من الأسماء البارزة، وعلى رأسهم الشيخ أحمد الأسير، إمام مسجد بلال بن رباح السابق. ويؤكد المصدر أن الوفد السوري الذي زار لبنان حمل معه لوائح اسمية أعدّت تحت إشراف رئاسة الجمهورية السورية، وكان على رأسها اسم أحمد الأسير.


إلى جانب الأسير، تتمسك دمشق بثلاثة أسماء أخرى وتعتبرها “دُرّة التاج”، وهم:

• شرعي من تنظيم “داعش” تزعم دمشق أن المطالبة به تعود لتعرضه للتعذيب في لبنان مما أدى إلى بتر إصبعه، وتؤكد المعلومات أنه يقود ما يشبه “إمارة” داخل مبنى الموقوفين الإسلاميين في رومية.

• قيادي من “حزب التحرير الإسلامي” وهو عقيد سابق منشق عن الجيش السوري.

• قيادي بارز سابق في “جبهة النصرة” (التي تحولت لاحقاً إلى “هيئة تحرير الشام”).


جميع هؤلاء مدانون بأحكام مبرمة في لبنان ويُعدّون من الموقوفين الخطرين.


المؤشرات تفيد بأن لدى دمشق نية واضحة لاستثمار هؤلاء في حال الإفراج عنهم. وفي لبنان، يدرك الجميع خطورة عودة هؤلاء إلى الساحة نظراً لما يحملونه من مشاعر عدائية تجاه الدولة اللبنانية، فكيف إذا أُطلق سراحهم وتوجهوا إلى سوريا، أو حصلوا على الجنسية السورية (وهو المقترح اليوم) كما حصل مع نظرائهم من المقاتلين الأجانب! عندها يصبح السؤال: من يضمن أن لا تُستثمر نزعتهم العدائية تجاه لبنان في مرحلة لاحقة؟

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة