كشفت شبكة "سي إن إن" الأميركية، في تحقيق استقصائي استند إلى أكثر من 12 مصدرًا مطلعًا، تفاصيل الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق على العاصمة القطرية الدوحة، الثلاثاء، والذي استهدف كبار قادة حركة "حماس"، في خطوة شكّلت صدمة للدوحة وأثارت غضب واشنطن.
وبحسب التحقيق، كان رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني قد اجتمع مساء الإثنين مع كبير مفاوضي "حماس" خليل الحية لمناقشة اقتراح أميركي جديد لوقف إطلاق النار في غزة، طرحته إدارة الرئيس دونالد ترامب، بعد لقاء سابق بين المفاوضين القطريين والمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف في باريس.
واستمر الاجتماع حتى التاسعة والنصف مساءً، حيث ضغطت الدوحة على الحية للقبول بالصفقة. وبعد مغادرته، واصلت الدوحة اتصالاتها مع إسرائيل لتوضيح تفاصيل الجهود، على أن ترد "حماس" خلال 12 ساعة. لكن، وفق مصادر "سي إن إن"، كان الجيش الإسرائيلي يخطط منذ أكثر من شهرين لشنّ هجوم يستهدف قادة "حماس" في الدوحة، مستندًا إلى معلومات استخباراتية عن وجودهم في اجتماع لمناقشة المبادرة الأميركية.
وأشار التحقيق إلى أن الحسابات الإسرائيلية كانت معقدة، إذ إن قطر دولة ذات سيادة وتلعب دورًا محوريًا في الوساطة، فضلاً عن استضافتها أكبر قاعدة عسكرية أميركية في المنطقة (قاعدة العديد الجوية). ومع ذلك، قصفت طائرات إسرائيلية مبنى سكنيًا وسط الدوحة، في عملية شاركت فيها أكثر من عشر طائرات مقاتلة من طراز F-35I وF-15 وF-16. لكن الهجوم أخطأ هدفه الأساسي، إذ نجا وفد المفاوضات برئاسة الحية.
وأكدت مصادر الشبكة أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير ورئيس "الموساد" دافيد برنياع أبديا تحفظات على توقيت الضربة محذرين من خطر استهداف مدنيين، غير أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تجاوز هذه التحفظات بدافع حسابات سياسية داخلية.
وأضافت أن العملية أُجبرت على التنسيق الحذر مع الولايات المتحدة نظرًا لوجود رادارات متقدمة وقوات أميركية في المنطقة. وأبلغ الجنرال دان كين الرئيس ترامب بالعملية، غير أن المبعوث ويتكوف لم يتمكن من إبلاغ القطريين إلا بعد الضربة بعشر دقائق.
وردّ رئيس الوزراء القطري واصفًا الهجوم بـ"إرهاب دولة"، مؤكّدًا أن ما جرى يقوض أي فرصة للتوصل إلى اتفاق حول المحتجزين في غزة أو لإنهاء الحرب المستمرة منذ عامين. أما إسرائيل، فقد صوّرت الضربة كخطوة حاسمة لإنهاء الحرب، لكنها فشلت في تحقيق هدفها الأساسي باغتيال الحية.
وفي واشنطن، أبدى مسؤولون أميركيون امتعاضهم من العملية، إذ اعتبر الرئيس ترامب أن الضربة "غير محسوبة وتضر بالوساطة الأميركية"، فيما أعرب بعض مستشاريه عن إحباطهم لعدم تمكنهم من تحذير القطريين في الوقت المناسب.