عرض الصحافي الإسرائيلي عُمري أسناييم سلسلة وثائقية بعنوان "ماذا حدث للجيش الإسرائيلي؟" على قناة ريشيت 13 وقناة HOT 8، تناولت الفشل الكارثي الذي مُني به الجيش الإسرائيلي خلال هجمات 7 أكتوبر، عندما اختفى جيش يوصف بأنّه الأقوى في المنطقة بين ليلة وضحاها.
التحقيق، الذي جاء بمبادرة فردية من الصحافي، يُنظر إليه في إسرائيل باعتباره بديلاً عن لجنة تحقيق رسمية لم تُشكّل حتى بعد مرور عامين على الحرب. وقد وزّع المسؤولية على مجمل القيادة العسكرية والسياسية، معتبراً أنّ ما جرى لم يكن حادثاً عابراً، بل نتيجة مسار طويل من القرارات الخاطئة.
السلسلة أعادت التذكير بمحطات اعتُبرت مفصلية في انهيار العقيدة القتالية الإسرائيلية: الانسحاب من لبنان عام 2000، الانفصال عن غزة عام 2005، تغييرات في سلّم الأولويات من حماية المدنيين إلى التركيز على حماية الجنود، إضافةً إلى إدخال الحسابات السياسية في المؤسسة العسكرية كما في قضية الجندي إيلور عزاريا.
ومن أبرز الأمثلة التي تناولها التحقيق على تسييس المؤسسة العسكرية كانت قضية الجندي إيلور عزاريا عام 2016، حين أقدم على إطلاق النار على شاب فلسطيني جريح في الخليل وأرداه قتيلاً. القضية أثارت عاصفة داخلية في إسرائيل، إذ انقسم الرأي العام بين من رأى فيه "بطلاً" ومن اتهمه بارتكاب جريمة حرب. ورغم أنّ قيادة الجيش حاولت فرض محاكمة عسكرية والحفاظ على "انضباط أخلاقي"، إلا أنّ التدخلات السياسية – من وزراء وأعضاء كنيست – حولت الملف إلى ساحة تجاذب شعبي وانتخابي.
أحد أبرز ما ورد في التحقيق كان كسر الصمت من رئيس الأركان السابق أفيف كوخافي، الذي أقرّ بأخطاء استراتيجية خطيرة، أبرزها الاعتماد المفرط على التكنولوجيا والاستخبارات وإهمال العامل البشري، وهو ما مهّد عملياً للهزيمة. كوخافي أشار إلى أنّ الجيش تحوّل إلى "جهاز بيروقراطي" تسيّره أولوية حماية صورته بدل خوض المعارك بفعالية.
الوثائقي أضاء على كيفية استبدال ضباط ذوي خبرة بقادة أقل كفاءة، ما جعل الجيش عاجزاً عن مواجهة التحديات الميدانية. النتيجة كانت، بحسب التحقيق، كارثة متوقعة انتهت بجيش لم يحضر فعلياً إلى ساحة القتال يوم الهجوم، تاركاً المستوطنات مكشوفة أمام مجموعات مسلحة صغيرة نسبياً.
أسناييم خلص في تحقيقه إلى أنّ ما جرى في 7 تشرين لم يكن انهياراً مفاجئاً، بل حصيلة سياسات متراكمة على مدى عقدين، وأنّ إسرائيل ما زالت تفتقر إلى مراجعة حقيقية تقيها تكرار مثل هذه الهزائم.