منذ أيام، شهد مخيم عين الحلوة عملية تسليمٍ مباشرة لجزء من السلاح، غير أنّها مجددًا اقتصرت على سلاح حركة “فتح”. ومع ذلك، فإن مجرد طرق باب عين الحلوة يُعدّ، بحسب مصادر وزارية لبنانية، خطوةً كبيرةً إلى الأمام، ولو بقيت ناقصةً مضمونًا نظرًا لحجم الترسانة المتبقية بيد الحركة، ولتعقيد خريطة السلاح لدى سائر القوى، وهنا أصل المشكلة.
تكشف المصادر عبر “ليبانون ديبايت” أنّ الأسلحة التي خرجت من المخيم، عبر عملية منظّمة أشرف عليها الجيش اللبناني، تضمنت إلى جانب السلاح الخفيف والمتوسط سلاحًا ثقيلًا تمثّل بعدد من الصواريخ من أنواعٍ وأحجامٍ مختلفة. لكن من يعرف خريطة السلاح داخل عين الحلوة يدرك أنّ ما جرى ليس كافيًا. ومع ذلك، فالرمزية كبيرة: للمرة الأولى يطرق مسار “جمع السلاح” أبواب المخيم الأكثر حساسية، في خطوةٍ قد تمهّد لمراحل لاحقة من الحوار أو الضغط، وبذلك يمكن القول إنّ مسار حصر سلاح المخيمات قد انطلق.
تُدرك المصادر أنّ المشهد لا يكتمل من دون الإشارة إلى المواقف الممانِعة لسحب السلاح، كاشفةً أنّ المشاورات مع القوى الفلسطينية المتحفّظة تسير على قدمٍ وساق، وتحديدًا مع حركتَي “حماس” و”الجهاد الإسلامي”. فقد عبّرت هذه القوى، خلال المفاوضات مع السلطات اللبنانية المعنية، عن تحفّظٍ مبدئي يتمثّل بتغييبها عن المفاوضات التي أجرتها الدولة مع حركة “فتح” من دون سائر الفصائل، وعدم التطرّق إلى ما تعتبره أمرًا أساسيًا يتمثّل بمقاربةٍ شاملة وكاملة للوجود الفلسطيني في لبنان لجهة الحقوق.
وبحسب المصادر الوزارية المواكبة لمسار التفاوض، فإنّ حركة “حماس” عبّرت عن شعورها بالتهميش، ما جعلها حذِرة في مقاربة ملف تسليم السلاح، ولو أنّها أكدت خلال المفاوضات تعاملها بإيجابية مع قرارات الدولة اللبنانية، لعلمها بأنّ الضغوط الخارجية كثيرة—even إذا لم يُصرَّح عنها خلال التفاوض. وتشعر “حماس” مؤخرًا بأنّ جهاتٍ عربية وازنة بدأت تمارس الضغط عليها وعلى الحركات اللبنانية القريبة منها، ولو على المستوى الأيديولوجي، وتخشى من تكرار ما حصل في سوريا لجهة طلب حظر عمل الحركة في لبنان وطرد مسؤوليها، إضافةً إلى كشفها أمنيًا داخل المخيمات. كما لدى الحركة قناعةٌ بأنّ المخيمات لن تبقى بعيدًا عن المشروع الإسرائيلي في لبنان، سواء عبر الاستهداف أو عبر إنهاء الوجود.
من الواضح إذًا أنّ الأنظار تتجه نحو “حماس” بصفتها القوة الفلسطينية الأكثر تنظيمًا وانتشارًا بعد “فتح”. والضغوط تُمارَس عليها بشكلٍ غير مباشر عبر فتح الطريق تدريجيًا: بدايةً من خلال “فتح” نفسها، ولاحقًا عبر حوارٍ موسّع يضعها أمام خيارين؛ إما الدخول في تفاهمٍ جماعي يشمل السلاح والملفات المعيشية، وإما مواجهة عزلةٍ سياسية وأمنية متزايدة.
وفي هذا السياق، تكشف المصادر الوزارية أنّ التقدّم في هذا الملف سيكون مرهونًا بالحوار الذي تجريه لجنة الحوار اللبناني–الفلسطيني مع حركتَي “حماس” و”الجهاد الإسلامي”. وتشير إلى أنّ اللجنة تعمل على ترتيب اجتماعٍ جديد معها قبل نهاية شهر أيلول الجاري، متوقّعةً أن نشهد حلحلةً في الموقف تدفع باتجاه دخول الحركتين في عملية التسليم خلال شهري تشرين الأول وتشرين الثاني.
رغم ذلك، يبقى المشهد في مخيم عين الحلوة معقّدًا. فبحسب المصادر، ثمّة شقٌّ يتعلق ببعض القوى الإسلامية الفلسطينية الأخرى، وتحديدًا المتشددة منها. فإلى جانب موضوع السلاح، ثمة أمرٌ آخر لا يقلّ أهمية، وهو أنّ هؤلاء يُعدّون “خارجين عن القانون” بنظر الدولة اللبنانية، ومتهمون بتهمٍ عدّة، أبرزها “الإرهاب”؛ وهذا الملف، بحسب المصادر، لم يُستكمَل إيجاد حلٍّ له بعد.