تسعيرة هزيلة… وسباق جنوني
وفق معلومات "ليبانون ديبايت"، يحصل سائق التوصيل بموجب نظام الشركة على 35 ألف ليرة عن كل طلبية، مع زيادة لا تتجاوز 17,500 ليرة عن كل كيلومتر إضافي. هذه الأرقام المتواضعة دفعت "توترز" إلى ابتكار ما يُسمّى "التحدي"، حيث يُجبر السائق على إنجاز 12 طلباً يومياً كحدّ أدنى للحصول على حوافز إضافية تصل إلى 350 ألف ليرة.
هذه المعادلة المالية حولت سائقي الدليفري إلى ما يشبه "قنابل متحركة"، إذ يسابقون الزمن ويخرقون كل قواعد السير، من قطع الإشارات الحمراء إلى القيادة على الأرصفة، مروراً بكسر المرايا الجانبية وافتعال احتكاكات خطيرة مع المركبات، كل ذلك في سبيل تحقيق "التحدي" المطلوب.
فوضى على حساب السلامة
العدد المتزايد من عمال "توترز" في الشوارع فاق التوقعات، وأضحى نشاطهم مكثفاً بشكل يفوق قدرة الطرقات على الاحتمال. المشهد اليومي يظهر سلوكيات خارجة عن القانون: قيادة بدراجات نارية بسرعة جنونية، تجاوزات بالجملة، وكأنهم "زعران شوارع" لا سائقو خدمة توصيل.
الشركة الرابحة… والعامل الخاسر
إلى جانب الفوضى الميدانية، تبقى المعادلة مجحفة بحق العاملين. فالشركة تقتطع ما بين 20% و35% من ثمن كل طلبية، يضاف إليها بدل التوصيل الذي يحصل السائق على جزء بسيط منه فقط. حتى البقشيش (Tips) عبر الدفع الإلكتروني تُقتطع منه 4% من قبل الشركة. بمعنى آخر، مهما كانت النتائج، يبقى العامل الخاسر الأكبر، بينما تضمن الشركة أرباحاً ثابتة.
في ظل هذه الفوضى، تبدو "توترز" بحاجة إلى إعادة برمجة ورقابة مشددة، سواء على مستوى العقود مع العاملين أو على مستوى انضباطهم في الشارع. فالحوادث المرورية الناتجة عن تهوّر السائقين لم تعد تُحصى، والمواطنون باتوا في حالة استنفار دائم تجنباً للاصطدام بهم.
إن استمرار هذا الواقع يضع السلطات المعنية أمام مسؤولية مباشرة: هل ستبقى الطرقات مشرعة أمام "جيش" من سائقي التوصيل غير الملتزمين، أم ستُفرض معايير جديدة تضبط عمل الشركات وتعيد الاعتبار إلى النظام المروري في لبنان؟