في هذا الإطار، يعيد المحلل السياسي إبراهيم بيرم قراءة المشهد الراهن، مسلطًا الضوء على واقع التفاهمات المؤجلة، وصراع القوى حول قانون الانتخابات، وملف السلاح الذي يبقى في خلفية المشهد اللبناني. يرى بيرم أن الأمور اليوم تتصف بالهدوء، لا سيما بعد جلسة مجلس الوزراء في 5 أيلول، والتي رسخت نوعًا من القناعة بأن الأمور مؤجلة، بما يشكل نوعًا من الهدنة، ولا تزال سارية.
ويوضح في هذا الإطار أن الحكومة، بشخص رئيسها، اضطرت دائمًا أن تقول إن هذا القرار وُجد لينفذ، فهو يذكر بهذا الأمر بشكل يومي تقريبًا كأنه مضطر ليثبت أن مهمته لم تفشل، وبالتالي هجومه مستمر.
وفي المقابل، فإن الحزب الذي يعتبر أنه أخذ العلم بذلك، هو غير مطمئن وفق بيرم، وهو ما عبر عنه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة الحاج محمد رعد، حيث اعتبر ما حصل ليس بتسوية أو تفاهم، بل هو شيء من أمر واقع، كما أن الحزب عبر عدد من قيادته يصعّد في موازاة تذكيرات الرئيس سلام، معتبرًا الجلسة والمقررات غير ميثاقية، والقرار خطيئة كبرى. ولا يمكن حصر الفترة التي سيستمر عليها هذا الواقع اليوم، لكنه نتيجة تفاهم بين الرئيسين جوزاف عون ونبيه بري لتأجيل الموضوع، ولكن على ما يبدو أنه ليس هناك من ضمانات، فأي جديد يمكن أن يطرأ في أي لحظة قد يغير المشهد، وهو ميال إلى ربط الموضوع بتطورات المنطقة، فمن الممكن أن يبقى الوضع مجمّدًا، أي لا انسحاب إسرائيلي ولا تسليم سلاح، والدولة لن تقدم على سحبه، بانتظار تسويات المنطقة ككل.
وسط هذا المشهد تبرز العودة لملف القانون الانتخابي الذي انشطر في الفترة الماضية، فما هي أسباب هذه العودة وماذا يعني انسحاب وزير العدل من جلسة مجلس الوزراء أمس؟ يلفت بيرم إلى أن الاندفاعة كانت من حزبي القوات اللبنانية والكتائب باتجاه تعديل القانون الانتخابي في مواجهة رفض الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر، ووفق قراءته فإن القوات والكتائب يسعيان إلى نص جديد للقانون، فإذا استطاعا تمرير التعديل ليُنتخب المغتربون النواب الـ 128، فإن ذلك سيسجل نصراً لهما.
ويؤكد أن هدف هؤلاء إكمال السيطرة على المجلس النيابي وفق قانون يسمح لهم بذلك، لا سيما بعد سيطرتهم الواضحة على الحكومة، فالمعركة اليوم بالنسبة لهم انتقلت إلى القانون الانتخابي وتمرير الاستحقاق في وقته حتى لا تفوتهم فرصة ربح أكبر عدد من النواب وفق ما كان معمولًا به في الانتخابات الماضية. فتعديل القانون والبحث في قانون جديد أصبح واجبًا بالنسبة لهم، كما يقول بيرم، فأحالها مجلس النواب إلى الحكومة التي حاولت أيضًا التنصل من هذا الأمر، وما تصرف وزير العدل بالأمس إلا محاولة لتسجيل موقف تصعيد فقط، ليوحي بجدية الطرح.
ولا يتوقع أن يكون ذلك مقدمة لخروج وزراء القوات والكتائب من الحكومة في محاولة لشراء الرأي العام قبل الانتخابات، ويؤكد أن الفرصة التي حصلت عليها القوات في هذه الحكومة لن تتكرر، ولذلك فلا نية لديها بالانسحاب، مذكّرًا أنه في ذروة خلافهم مع رئيس الحكومة لم يقدموا على هذا الخيار.