شهدت جزيرة غافدوس (Gavdos) جنوب اليونان حادثة مثيرة للجدل بعد أن أقدم عدد من السياح والمصطافين على دفع قارب مكتظ بالمهاجرين القادمين من ليبيا، ومنعوه من الرسو على شاطئ "ساراكينيكو" الشهير. المشهد الذي التُقط بعدسات الهواتف المحمولة انتشر بسرعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المحلية، وأثار نقاشًا واسعًا في البلاد، في ظل تصاعد موجات الهجرة من شمال أفريقيا وتشديد الحكومة اليونانية سياساتها في هذا الملف.
الحادثة وقعت السبت الماضي، عندما اقترب القارب الصغير المحمّل بالمهاجرين من الشاطئ الضحل. وما إن اقترب من اليابسة، حتى دخل بعض المصطافين، من بينهم سائحون ومقيمون محليون، إلى المياه وقاموا بدفع القارب إلى الخلف حتى ابتعد مجددًا عن الشاطئ. ووفق التسجيلات، لم يُسجّل أي احتكاك جسدي مباشر بين المهاجرين وبين من منعوهم من النزول إلى اليابسة، لكن صرخات وتعليقات غاضبة صدرت من بعض الحاضرين.
وسائل الإعلام المحلية أشارت إلى أن حادثًا مشابهًا وقع مؤخرًا في أحد شواطئ جنوب إسبانيا، حين منع مواطنون قارب تهريب مهاجرين من الرسو إلى أن وصلت الشرطة.
في الفيديو المتداول من جزيرة غافدوس، بدا القارب وهو يحمل مجموعة من المهاجرين، يُعتقد أنهم من أصول ليبية. لاحقًا، ووفقًا لتقارير، لم تغرق السفينة، بل تابعت طريقها إلى ميناء الجزيرة بمرافقة دورية تابعة لوكالة حرس الحدود الأوروبية "فرونتكس".
ردود الأفعال على الواقعة انقسمت في اليونان بين من أشادوا بما اعتبروه "منعًا لرسو غير قانوني"، وبين من انتقدوا عدم تقديم المساعدة الإنسانية للأشخاص على متن القارب، الذين ربما كانوا بحاجة إلى رعاية طبية عاجلة.
وزير الهجرة اليوناني، ثانوس بليفريس، صرّح بعد الحادثة بأن جميع المهاجرين الذين كانوا على متن القارب نُقلوا إلى منشآت في البر الرئيسي خلال يومين أو ثلاثة. وأضاف أنهم وُضعوا في مراكز احتجاز مغلقة وليس في أماكن إقامة مؤقتة، مؤكدًا أنهم سيُعاملون كموقوفين حتى تسوية أوضاعهم القانونية.
جزيرة غافدوس، التي تُعد الأصغر في اليونان ويقطنها نحو 70 شخصًا فقط، تعاني ضغطًا متزايدًا نتيجة موجات الهجرة. ففي عطلة نهاية الأسبوع الأخيرة، وصل نحو 850 مهاجرًا إلى الجزيرة وإلى جزيرة كريت المجاورة. وتُعتبر غافدوس نقطة جذب لمهربي البشر بسبب قربها الجغرافي من السواحل الليبية، خصوصًا المناطق الخاضعة لسيطرة الجنرال خليفة حفتر في الشرق، والذي يُعتقد أنه يستخدم ملف الهجرة كورقة ضغط جيوسياسية ضد الاتحاد الأوروبي.
الحادثة جاءت في ظل تشديد كبير لسياسات الهجرة في اليونان. فمنذ تموز الماضي، علّقت الحكومة النظر في طلبات لجوء المهاجرين القادمين بحرًا من شمال أفريقيا، بحجة أن هذه الدول تُعتبر "آمنة" وفق معايير الاتحاد الأوروبي. وبموجب القانون الجديد، فإن أي مهاجر يدخل البلاد بشكل غير قانوني قد يواجه عقوبة سجن تصل إلى خمس سنوات وغرامات تصل إلى 10 آلاف يورو.
سياسة الحكومة المحافظة برئاسة كيرياكوس ميتسوتاكيس تعرضت لانتقادات حادة من منظمات حقوقية ومن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، الذي بدأ بالتحقيق في مزاعم تتعلق بعمليات "طرد قسري" لطالبي لجوء سواء في البحر أو على اليابسة.