ألقى العلامة السيّد علي فضل الله خطبتي صلاة الجمعة على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في حارة حريك، بحضور شخصيات علمائية وسياسية واجتماعية وحشد من المؤمنين.
وفي مستهل خطبته، دعا فضل الله إلى التمسّك بوصيّة الرسول (ص) في بناء مجتمع متماسك ومتراحم، بعيد عن الحسد والبغضاء والتناحر، قائلاً: "لنكون المجتمع الذي أراده رسول الله (ص)، كالبنيان المرصوص يشد بعضه أزر بعض".
وفي الشأن السياسي، توقّف فضل الله عند التصعيد الإسرائيلي الأخير في الجنوب اللبناني، والذي طال مدينة النبطية وأدّى إلى إصابة نساء وأطفال وحتى أجنة في بطون أمهاتهم، مشيراً إلى أن العدو "يمنع أي مظهر للحياة على الحدود الأمامية بهدف الضغط على الدولة اللبنانية للقبول بشروطه ضمن مشروع إسرائيل الكبرى".
ودعا الدولة اللبنانية إلى "رفع صوتها في المحافل الدولية، والإسراع في إقرار استراتيجية أمن وطني تستنفر كل مواقع القوة"، لافتاً إلى أن ذلك من شأنه أن يعيد ثقة اللبنانيين بدولتهم. كما حثّ اللبنانيين جميعاً على إدراك حجم المخاطر المحدقة ببلدهم، مؤكداً أن "العدو لن يكون في مصلحة أحد، بل يسعى إلى الهيمنة على لبنان والمنطقة".
وتوجّه فضل الله إلى الدول العربية والإسلامية بضرورة الارتقاء إلى مستوى التحديات، قائلاً إن العدو "تمادى في استهدافاته التي طالت فلسطين ولبنان وسوريا واليمن، وصولاً إلى قطر، رغم موقعها المحايد واحتضانها أكبر قاعدة أميركية". وأكد أن مواجهة المشروع الإسرائيلي تتطلب تكاتفاً إقليمياً ودولياً، لأن "العدو يحظى بتغطية دولية تجعله يرتكب جرائم من دون رادع".
وانتقد فضل الله اقتصار المواقف العربية والإسلامية على بيانات الإدانة والاستنكار، معتبراً أن ذلك "شكّل صورة ضعف شجّعت الكيان الصهيوني على مواصلة عدوانه". لكنه شدد في المقابل على أهمية الأمل والصمود، مؤكداً أن التضحيات الجسيمة التي تُقدّم "ستثمر وعياً عربياً وإسلامياً يردّ كيد العدو".
وعاد فضل الله ليؤكد ضرورة تعزيز الوحدة الداخلية في لبنان، محذراً من الخطابات القاسية والمتوترة، داعياً إلى اعتماد حوار وطني هادئ وموضوعي داخل الغرف المغلقة بعيداً عن التشنجات العلنية.
كما وجّه نداءً إلى الحكومة التي تدرس الموازنة، كي لا تقع في "أخطاء الحكومات السابقة بمد يدها إلى جيوب اللبنانيين"، بل أن تعمل على استثمار موارد الدولة بشكل أفضل، وأن تضع في أولوياتها إعمار ما تهدّم، وتأمين حقوق المودعين، باعتبارها الضامن لهم.