في توقيت سياسي حساس يشهده لبنان والمنطقة، حطّ مستشار وزير الخارجية السعودي للشأن اللبناني، الأمير يزيد بن فرحان، في بيروت، في زيارة أثارت تساؤلات حول أبعادها ورسائلها، خصوصاً أنها تتزامن مع احتفال السفارة السعودية في بيروت باليوم الوطني للمملكة.
ورغم الطابع الدبلوماسي الظاهري للزيارة، إلا أن الوقائع والمواقف المرافقة لها تشير إلى أجندة سياسية أعمق، في ظل استمرار تعقيد ملف سلاح "حزب الله"، ومحاولات دفع المكونات اللبنانية إلى مراجعة تموضعها السياسي.
ويكشف الكاتب والمحلل السياسي نضال السبع، في حديث إلى "ليبانون ديبايت"، أن زيارة مستشار وزير الخارجية السعودي للشأن اللبناني الأمير يزيد بن فرحان إلى لبنان، تأتي في إطارين رئيسيين، أحدهما رمزي ودبلوماسي، والثاني سياسي بامتياز يرتبط بموقف المملكة من سلاح "حزب الله".
ويوضح السبع أن توقيت الزيارة مرتبط، وفق تقديراته ومعلوماته، بـاليوم الوطني السعودي الذي يصادف يوم الثلاثاء المقبل، حيث من المنتظر أن يشارك الأمير يزيد للمرة الأولى في المناسبة التي تُقيمها السفارة السعودية في بيروت، ويلتقي خلالها مكونات من الشعب اللبناني في إطار انفتاحي يعكس حرص المملكة على تعزيز العلاقات.
في سياق سياسي حساس
أما في الشق السياسي من الزيارة، يرى السبع أنها تندرج ضمن استكمال الجهد السعودي المتعلق بملف سلاح "حزب الله"، حيث التقى الأمير يزيد رئيس الجمهورية، على أن يلتقي أيضًا رئيس الحكومة وعددًا من النواب والفعاليات السياسية، في سياق تحريك هذا الملف من بوابة الحوار اللبناني – اللبناني، وليس كطرف مباشر في المواجهة.
وفي قراءة للقاء الذي جمع الأمير يزيد بالنائب فيصل كرامي في مستهل جدول لقاءاته، يوضح السبع أن كرامي ربما بادر بطلب اللقاء مسبقًا، إلا أن هذا اللقاء يكتسب بُعدًا لافتًا بالنظر إلى المواقف التي صدرت عن كرامي خلال مأدبة أقامها في بقاعصفرين قبل نحو أسبوعين، بحضور المفتي، حيث تم توجيه رسالة واضحة باسم "سُنّة لبنان" تدعو إلى رفع الغطاء عن السلاح.
وأشار إلى أن هذه المواقف شكلت نقطة تحوّل، خصوصًا أن كرامي كان يُصنّف ضمن النواب المتحالفين مع "حزب الله" ويدورون في فلكه، ما يجعل مطالبته بسحب السلاح دلالة على تبدّل في المزاج السياسي لحلفائه، لا سيما السُنة منهم.
لا رابط مع كلام "حزب الله"... والحزب بات مكشوفًا
وحول ما إذا كانت هذه التطورات مرتبطة بالدعوة التي وجهها نائب الأمين العام لـ"حزب الله"، الشيخ نعيم قاسم، للحوار مع السعودية، يرى السبع أنه لا رابط مباشر، مرجّحًا أن تكون تصريحات قاسم نابعة من نصيحة إيرانية، خصوصًا في ظل ما وصفه بـ"التغيّر في مقاربة الحزب للأوضاع".
ويعتبر السبع أن "حزب الله" بات مكشوفًا سياسيًا في الداخل اللبناني، خاصة بعد تغيّر المعادلة السياسية منذ 7 تشرين الثاني، متوقفًا عند سلسلة مستجدات، منها:
-دمار غزة.
-تراجع النظام السوري وسقوط خطوط الإمداد الإقليمية للحزب.
-وصول رئيس جمهورية ورئيس حكومة غير منسجمين معه.
-فقدانه الثلث المعطّل داخل الحكومة.
وبالتالي، يرى السبع أن الحزب أدرك التغيرات، ما يوجب عليه البحث عن خطوات جديدة "من خارج الصندوق".
السعودية غير معنية بالحوار المباشر... إلا بشروط
ويُحذّر السبع من الرهان على انفتاح سعودي مباشر على الحزب، مؤكدًا أن المملكة غير معنية حاليًا بفتح حوار، إلا في حال التزام الحزب بعدد من الخطوات، أبرزها:
-وقف استخدام بيروت كمنصة إعلامية وسياسية لاستهداف دول الخليج.
-الانكفاء التام عن دعم مشروع الحوثيين والإخوان المسلمين