التحديات التي برزت في هذه القضية بين النواب السنّة في بيروت ورئاسة الحكومة من جهة، وبين حزب الله من جهة أخرى، تهدّد بتفجير الملف وتحويله إلى توتّر في الشارع، وخصوصاً في مناطق مختلطة مثل الطريق الجديدة أو رأس النبع أو المصيطبة، حيث يمكن أن ينزلق الوضع إلى اقتتال مذهبي يبدأ من بيروت وقد يمتد إلى باقي المناطق. وهذا يحصل في وقت نحن بأمسّ الحاجة فيه إلى الوحدة والتضامن، لأنّ لبنان يمرّ بمرحلة بالغة الصعوبة عنوانها الاعتداءات الإسرائيلية اليومية على لبنان وتهديدها المستمر بشن حرب كبرى.
وهنا تُطرح أسئلة جوهرية، إذا ما أضيئت صخرة الروشة بصورة السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفيّ الدين، ماذا سيتغيّر؟ هل ستوقف إسرائيل اعتداءاتها اليومية على لبنان؟ هل ستغيّر واشنطن خطابها وتضغط على تل أبيب لوقف خروقاتها؟ وإذا مُنع حزب الله من الإضاءة، هل ستعود الودائع إلى المودعين؟ هل سترتفع الأجور ويتحسّن الاقتصاد؟ هل ستستعيد المستشفيات الحكومية والمدارس الرسمية عافيتها؟
المفارقة أنّ الاعتراض لم يطل مناسبات أخرى، كتشييع السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفيّ الدين في ملعب المدينة الرياضية، وهو صرح وطني يقع في قلب بيروت ويتبع لسلطة الدولة اللبنانية. يومها لم يعترض أحد، ولم يشعر اللبنانيون بالإهانة أو الاستفزاز، ولم يتأثر الاقتصاد أو الاستثمارات أو حياة الناس اليومية. فلماذا يُثار كل هذا الغبار اليوم على خطوة رمزية في مكان عام؟
إن بيان رئاسة الحكومة، ورغم إشارته إلى ضرورة الالتزام بالإجراءات القانونية لأي نشاط في الأماكن العامة، جاء بلغة عدائية حملت تلميحات مباشرة وصوّبت على خطوة إضاءة الصخرة. هذه اللغة ولّدت شعوراً لدى غالبية أبناء الطائفة الشيعية بأن رئيس الحكومة يقف في موقع الخصومة معها، بدلاً من أن يكون في موقع التوازن.
كان الأجدى أن يستغل الرئيس سلام هذه الفرصة لإعادة وصل ما انقطع مع الطائفة الشيعية، وأن يُظهر أنه رئيس حكومة كل لبنان، لا رئيس حكومة فريق دون آخر أو طائفة دون أخرى. ففي لحظة الانقسام، ما يحتاجه اللبنانيون هو قيادة تسعى إلى التهدئة وتثبيت الوحدة الوطنية، لا إلى تأجيج الخطاب الطائفي وتعميق الشرخ القائم.
في النهاية، ما يحتاجه لبنان اليوم ليس سجالات جديدة ولا معارك جانبية تُستنزف فيها الطوائف وتُستحضر ذاكرة الحرب الأهلية، بل قيادة حكيمة تُدرك أنّ الأولوية هي حماية الداخل من التصدّع، وتوجيه الجهود نحو مواجهة الخطر الحقيقي المتمثّل بالاعتداءات الإسرائيلية والأزمة الاقتصادية – الاجتماعية الخانقة. فالمعركة ليست على صخرة مضاءة أو صورة مرفوعة، بل على بقاء الدولة ووحدة اللبنانيين.