في مشهد وُصف بـ"التاريخي"، عاد الصوت السوري ليُسمع من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة للمرة الأولى منذ عام 1967، مع إلقاء الرئيس السوري أحمد الشرع خطابه وسط متابعة واسعة داخل سوريا وخارجها.
هذه العودة، بعد عقود من العزلة الدولية، اعتُبرت بمثابة نافذة جديدة تفتحها دمشق نحو العالم ورسالة بأن سوريا تدخل مرحلة سياسية مختلفة.
تزامن الخطاب مع مشاهد فرح في شوارع دمشق تخللتها الألعاب النارية والأهازيج الشعبية، بينما شهدت نيويورك تجمعات لمؤيدين ومعارضين عكست استمرار الانقسامات الداخلية. ورغم ذلك، بدت اللحظة عند كثيرين "رمزية وتاريخية"، توازي أحداثًا مفصلية في تاريخ المنطقة.
لم يقتصر خطاب الشرع على بروتوكولات المشاركة الأممية، بل حمل رسائل سياسية قوية. فقد دعا إلى السلام، وتحدث عن "سوريا الجديدة" التي تريد أن تكون جزءًا من الحل لا مصدرًا للأزمات، متعهدًا في الوقت نفسه بالمحاسبة وملاحقة "كل من تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء".
هذه الرسائل وضعت البلاد على مسار العدالة الانتقالية والانفتاح السياسي، وأشّرت إلى رغبة دمشق في استعادة شرعيتها الدولية.
يرى محللون أن عودة سوريا إلى المنصة الأممية بعد نصف قرن هي إعلان عن فتح صفحة جديدة، لكنها أيضًا اختبار صعب أمام التحديات الأمنية والاقتصادية والسياسية. فالخطاب، رغم قوته الرمزية، يحتاج إلى ترجمة عملية عبر إصلاحات داخلية وحوار وطني يعكس تطلعات السوريين.
الشرع لم يُغفل التوترات الإقليمية، فوجه رسائل مباشرة إلى إسرائيل، محذّرًا من أن هجماتها على سوريا قد تشعل أزمات جديدة. هذه الإشارات قرئت على أنها جزء من إعادة التموضع السوري في معادلة الشرق الأوسط الجديدة، من غزة إلى لبنان وصولًا إلى الخليج.
تميّز الشرع بالإيجاز واستخدام أسلوب مباشر ومكثّف، ما اعتُبر محاولة لإظهار براغماتية مختلفة عن أسلوب الخطابات الطويلة السابقة. هذا النهج عزّز رمزية اللحظة لكنه يضع أيضًا تحديًا أمام دمشق: إقناع المجتمع الدولي بتفاصيل مشروع "سوريا الجديدة".
الـــمــــزيــــــــــد
