اقتصاد

سكاي نيوز عربية
الجمعة 26 أيلول 2025 - 07:37 سكاي نيوز عربية
سكاي نيوز عربية

بين الذهب والبتكوين... خيار صعب في اختيار الملاذ الأفضل

بين الذهب والبتكوين... خيار صعب في اختيار الملاذ الأفضل

في ظل أزمات اقتصادية متلاحقة وتوترات جيوسياسية متصاعدة، يبحث المستثمرون عن أدوات تحمي ثرواتهم وتمنحهم قدراً من الاستقرار. تاريخياً، حافظ الذهب على مكانته كملاذ آمن لا يخيب التوقعات، فيما يطل البتكوين والعملات الرقمية كمنافس جديد مثير للجدل، يطرح أسئلة أكثر مما يقدم أجوبة.


هذا العام ارتفعت أسعار الذهب بنسبة 43 بالمئة لتصل الأونصة إلى 3800 دولار، في مؤشر واضح على حجم القلق السائد في الأسواق. فالمستثمرون لا يهربون إلى المعدن الأصفر إلا حين تتراجع ثقتهم ببقية الأدوات، من العملات الرئيسية إلى الأسهم والسندات. الذهب ظل الحصن التقليدي وسط العواصف، مدعوماً بثقة تراكمت عبر قرون جعلته مرادفاً للأمان سواء عند الأفراد أو الحكومات أو البنوك المركزية.


في المقابل، شهد البتكوين قفزات تاريخية وصولاً إلى 124 ألف دولار، قبل أن يخسر أكثر من 250 مليار دولار من قيمته السوقية خلال شهر ونصف فقط. هذه التقلبات تعكس المفارقة الجوهرية: هل يمكن اعتباره ملاذاً آمناً فعلاً أم أنه لا يزال أداة مضاربة عالية المخاطر؟ جاد حريري، استراتيجي الأسواق المالية في First Financial Market، أوضح في حديث إلى برنامج "بزنس مع لبنى" على سكاي نيوز عربية أنّ البتكوين لم يثبت بعد أهليته كملاذ آمن، إذ غالباً ما يتراجع أو يستقر في لحظات التوتر بدلاً من أن يرتفع كما يفعل الذهب أو الدولار. لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن البتكوين قادر على تحقيق عوائد مرتفعة على المدى الطويل، رغم تعرضه الدائم لتقلبات عنيفة.


ورغم هذه الهشاشة، لم يعد بالإمكان تجاهل حضور البتكوين في النظام المالي العالمي. البنوك الكبرى والحكومات والصناديق الاستثمارية باتت تخصص نسباً صغيرة من محافظها له، ما يمنحه قدراً من الشرعية ويدل على اتجاه عالمي نحو إدماج العملات الرقمية، سواء عبر تشريعات أو أنظمة دفع جديدة. غير أن الشرعية لا تعني الأمان، فالكثير من المستثمرين الأفراد يدخلون عند القمم ليواجهوا خسائر فادحة، فيما تستغل "الحيتان" الكبرى التراجعات لإعادة التموضع وشراء المزيد بأسعار منخفضة. تجربة انهيارات منصات مثل FTX وتيرا لونا عام 2022 كانت دليلاً صارخاً على هشاشة هذه السوق، لكنها سرعان ما استعادت عافيتها مع دخول المؤسسات المالية الكبرى.


ارتباط العملات الرقمية بالسياسات النقدية العالمية بات أوضح من أي وقت مضى. في فترات خفض الفائدة تتدفق السيولة نحو الأصول عالية المخاطر ومنها البتكوين، فيما تؤدي زيادتها إلى تراجع حاد. هذه الدورة المتكررة تفسر كثيراً من التراجعات الأخيرة، لكنها في نظر البعض لا تعدو كونها إعادة تمركز استعداداً لموجة صعود جديدة قد تقود الأسعار إلى مستويات 200 ألف دولار.


المقارنة بين الذهب والبتكوين تتجاوز المال إلى الرمزية. الذهب يمثل الاستقرار المتوارث عبر التاريخ، أما البتكوين فيجسد الثورة على النظام المالي التقليدي. وفي لحظة يعيش فيها العالم أزمة ثقة عميقة، ينقسم المستثمرون بين من يفضل العودة إلى الأمان القديم ومن يغامر بخوض مغامرة النظام الجديد. الحل قد يكون في التوازن: جزء صغير من المحافظ الاستثمارية مخصص للعملات الرقمية مع الاحتفاظ بالذهب كركيزة أمان أساسية.


التاريخ وحده كفيل بالإجابة عمّا إذا كان البتكوين سيصبح ذهب المستقبل فعلاً أم أنه سيبقى رهينة تقلباته، لكن المؤكد أن النظام المالي العالمي يدخل مرحلة جديدة، حيث يتعايش الذهب والبتكوين جنباً إلى جنب، الأول يعكس الأمان والثاني يعكس الثورة.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة