"ليبانون ديبايت"
يُنبىء تزامن الإنفتاح على المملكة العربية السعودية من قبل قيادة "حزب الله" مع ارتفاع سقف خطابها بوجه الحكومة، ببدء مفاوضاتٍ جدية في الكواليس الديبلوماسية، تتقدم خلالها ملامح تسوية إقليمية تشمل ملفات متعدّدة، من بينها ملف سلاح الحزب تحت سقف "حصرية السلاح"، وذلك على الرغم من كل ما رافق الأسبوع الماضي من أحداث في الشارع وتجاذباتٍ حادة على الساحة الداخلية، كادت أن تهدّد بأزمة حكم.
لا بدّ من الإعتراف بأن التطوّر المفاجىء في الواقع السياسي، غير معزولٍ عمّا يجري في المنطقة، وقد أعاد عقارب الساعة إلى الوراء، وبوتيرة سريعة فاجأت القيادات السياسية قبل الأوساط الديبلوماسية المواكبة لتطوّر مواقف الحزب من أجندة الحكومة.
تساؤلات وشكوك عديدة تتراكم دفعةً واحدة أمام الأوساط الديبلوماسية الناشطة على خطّ معالجة كل الإشكالات الداخلية، خصوصاً وأن المعطيات المسرّبة عن زيارة الأمين العام للمجلس الأعلى القومي الإيراني علي لاريجاني، تشي باختلاف الروزنامة الإيرانية في لبنان اليوم نتيجة أولويات طهران بعد تفعيل آلية سحب الزناد واستعادة مناخ المواجهة مع المجتمع الدولي.
وما من شك بأن كلام لاريجاني ستكون له تبعات خطيرة على المستويين الداخلي والخارجي، خصوصاً وأن ما سبقه من تحركات ومواقف لمسؤولي الحزب خلال، وبعد "إضاءة صخرة الروشة"، مهّد لتحوّلات بارزة داخل السلطة لجهة ما تصفه مصادر ديبلوماسية مراقبة، باصطفافٍ غير مسبوق دفع إلى دقّ ناقوس الخطر من استحضار مرحلة التأزم الحكومي والإنقسامات على مائدة مجلس الوزراء، وبالتالي تحويل الأنظار عن الأهداف التي وضعتها الحكومة عندما قرّرت بسط سيادتها، والعمل من خلال سلسلة خطوات ميدانية وعبر الترهيب السياسي لإعادة الإعتبار لمشروعٍ هيمنة على القرار الرسمي، سقط عند انتخاب رئيس الجمهورية جوزيف عون وتشكيل حكومة الرئيس نوّاف سلام.
ولا ترى الأوساط الديبلوماسية، في كل ما سُجّل خلال الأيام الماضية، مؤشراً على خروج الأمور عن مسارها الطبيعي على مستوى الحكومة، في ضوء ما نُقل عن رئيسها من إصرارٍ على التمسك بدوره وعدم تعطيل عمل الحكومة، مع التشديد على متابعة ما حصل في الروشة وتداعياته وأسبابه، وبشكلٍ خاص مكامن الخلل التي سمحت بانزلاق الأوضاع إلى أزمة سياسية غير مسبوقة خلال العهد الحالي.
وبمعزلٍ عن انشغال الأطراف المحلية بما سيشهده اليوم المجلس النيابي حول قانون الإنتخاب واقتراحات تعديله، تقول الأوساط الديبلوماسية، إن جلسة الحكومة المقبلة، سترسم معالم المشهد السياسي الداخلي، وما إذا كان ملف حصر السلاح سيسلك منعطفاً جديداً مع اقتراب موعد إنجاز الجيش لتقريره الأول حول الخطوات المنفّذة على هذا الصعيد، والتي ما زالت من ضمن خطته للمناطق الواقعة جنوب نهر الليطاني، مع العلم أن "حزب الله"، مؤيّد للجزء المتعلّق بهذه المناطق من الخطة وليس لما هو أبعد من ذلك، وفق ما أعلنته قيادة الحزب ونوابه على مدى الأسابيع الماضية.
والكرة اليوم، وفق ما تستنتج الأوساط الديبلوماسية، موجودة في قصر بعبدا، حيث تترقّب أكثر من عاصمة عربية وغربية، المقاربة الرئاسية لما حصل في الروشة من جهة، ولما دعا إليه رئيس الحكومة من جهةٍ أخرى، والذي ركّز على محاسبة المسؤولين عن مخالفة القانون، كما عن عدم تطبيقه.