ففي مادته الثانية، أجاز القرار ترشيح "عضو حيادي" من قبل الجمعيات، في مخالفة صريحة ومباشرة للأحكام القانونية والأنظمة المرعية، التي تحصر حق الترشح والانتخاب بأعضاء الجمعية العمومية الممثلين للأندية المستوفية للشروط القانونية والفنية.

ووفق هذا الإطار، لا يجوز ترشيح شخص مستقل لا ينتمي إلى أي نادٍ رياضي لعضوية الهيئة الإدارية للاتحاد، ويجب أن يكون المرشّح عضوًا في جمعية أو نادٍ رياضي منضوٍ تحت الاتحاد ومستوفياً الشروط القانونية، إلا إذا نصّ النظام الأساسي للاتحاد صراحة على خلاف ذلك، وفي حدود ضيّقة جدًا.
وبعد الكشف عن هذا الخلل، سارعت وزيرة الشباب والرياضة نورا بايراقداريان إلى إصدار تعديل بتاريخ 29/9/2025، شطب بموجبه عبارة "يحق لكل جمعية مرخصة المصادقةعلى ترشيح مرشحين إثنين، واحد من ضمن أعضاء لجنتها الإداري وآخر حيادي"، معلنة أن الاتحاد اللبناني للرياضات الجوية لا يمتلك نظامًا أساسيًا معتمدًا، إلا أنّ هذا التبرير لا يخفف من وطأة الخطأ، بل يفاقمه، إذ إن القانون رقم 629/2004 والمرسوم 4481/2016 يفرضان صراحةً إرفاق أي طلب ترخيص باتحاد رياضي بنظام أساسي مكتمل ومعتمد قبل مباشرة أي إجراء آخر.

والأخطر من ذلك، أنّ الوزارة، عوضًا عن العودة إلى أهل القانون والخبرة، لجأت إلى تعيين موظفين كمستشارين بصورة تخالف نظام الموظفين وتخرج عن الأصول الإدارية، فجاءت النتيجة قرارت مرتجلة وتخبط إداري، ورسائل صوتية توزّع على الأندية من خلال تطبيقات المحادثة، في مشهد يفتقر لأدنى مقومات الإدارة المؤسساتية الرشيدة.
ومن الناحية القانونية فإن إعداد النظام الأساسي هو خطوة تأسيسية لا غنى عنها عند التقدم بطلب ترخيص اتحاد رياضي جديد، ويتولى المؤسسون أو اللجنة التحضيرية إعداد هذا النظام الذي يجب أن يتضمن جميع الأحكام الناظمة لعمل الاتحاد، من تشكيل الجمعية العمومية، وشروط العضوية، وآلية الانتخاب، ومدة الولاية، وصلاحيات الهيئة الإدارية، وسواها من المسائل التنظيمية، وبعد إعداده، يُرفق النظام الأساسي بطلب الترخيص ويُرفع إلى الوزارة للنظر في مطابقته للقوانين والأنظمة النافذة، ولا يصبح نافذًا إلا بعد موافقة الوزارة عليه، كما يجب نشر قرار الترخيص في الجريدة الرسمية ليكتسب القوة القانونية، ويحق لأي شخص الاطلاع عليه بعد ذلك.
وقد جاء قرار مجلس شورى الدولة رقم 23/1991 (مراجعة 190/1991) ليؤكد هذه القاعدة، إذ نصّ صراحة على أن "الأنظمة الأساسية لا تصبح نافذة إلا بعد موافقة الإدارة المختصة"، فكيف تُجيز الوزارة لنفسها تجاهل قاعدة قانونية بهذا الوضوح؟ وكيف يُمنح ترخيص لاتحاد رياضي لا يمتلك نظامًا أساسيًا معتمدًا؟ وما جدوى الرقابة القانونية إذا كانت الجهة المنوط بها المراقبة أول من يخرقها؟
ولا بد من التأكيد على أنّ دور المديرية العامة للشباب والرياضة يقتصر على إيفاد ممثل عنها لمراقبة العملية الانتخابية والتأكد من قانونيتها، من دون التدخّل في مجرياتها أو نتائجها، كما أنّه لا يندرج ضمن صلاحيات وزيرة الشباب والرياضة توجيه الدعوة لانعقاد الجمعية العمومية لاتحاد رياضي بهدف انتخاب هيئة إدارية.
لقد تجاوزت المسألة حدود الأخطاء التقنية أو الهفوات الإجرائية العابرة، لتتحول إلى نمط متكرّر يكشف افتقار الوزارة إلى الحدّ الأدنى من الإلمام بالأصول القانونية، وغياب أي احترام للتسلسل الإجرائي الملزم، والأسوأ من ذلك، أنّ الوزارة ماضية في نهجها المتعنّت، رافضة الاستعانة بذوي الخبرة والكفاءة، لتنزلق في دوامة من الارتجال، وتراكم الأخطاء بدلًا من معالجتها.