مع نهاية الحرب العالمية الثانية، اتجه الحلفاء إلى ملاحقة قادة دول المحور عبر محاكم دولية لجرائم الحرب، فظهرت محاكم عدّة في أوروبا، كان أبرزها محكمة نورمبرغ التي اعتُبرت الأهم بين هذه المحاكم. وقد مثل أمامها كبار المسؤولين النازيين، ومن بينهم هرمان غورينغ، الرجل الثاني في النظام النازي والمقرّب من أدولف هتلر.
غورينغ، الذي كان من أوائل الداعمين لهتلر والحزب النازي، شغل مناصب بارزة بعد تولي هتلر منصب المستشار عام 1934، من بينها رئاسة البرلمان الألماني وقيادة سلاح الجو "اللوفتفافه". كما أسس جهاز الغستابو الذي لاحق المعارضين وزجّ بهم في معسكرات الاعتقال. وخلال الحرب العالمية الثانية، كان له دور أساسي في شن الغارات الجوية على مدن الحلفاء واتخاذ قرارات تسببت في مقتل الملايين.
ومع اقتراب نهاية الحرب، اتهمه هتلر بالخيانة وأصدر أمراً بإعدامه، لكنه نجا عبر تسليم نفسه للقوات الأميركية مع عائلته. وفي تشرين الثاني 1945، بدأت محاكمات نورمبرغ التي مثل أمامها 24 مسؤولاً ألمانياً بتهم شملت التآمر وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
في تشرين الأول 1946، أصدرت المحكمة أحكامها بإعدام 12 شخصاً، بينهم غورينغ ووزير الخارجية يوهاكيم فون ريبنتروب وقائد الجيش فيلهلم كايتل، إضافة إلى أحكام بالسجن بحق سبعة آخرين وتبرئة البقية.
لكن غورينغ لم يُعدم، إذ أقدم على الانتحار قبل ساعتين فقط من موعد تنفيذ الحكم، حيث تناول كبسولة سيانيد مساء 15 تشرين الأول 1946 وفارق الحياة بعد لحظات. وقد أثار انتحاره غضب الحلفاء الذين اعتبروا ما حدث إهانة لقرارات المحكمة، ففتحوا تحقيقاً لمعرفة من زوّده بالسم، من دون التوصل إلى نتيجة.
وعقب تنفيذ الأحكام، عُرضت جثته مع جثث الآخرين أمام الصحافيين، قبل أن تُحرق وتُلقى رمادها في نهر إيزار، لتطوى بذلك صفحة أحد أبرز قادة الحقبة النازية وأكثرهم إثارة للجدل.